هل تخطىء القلة القليلة من اللبنانيين الذين مازالوا يصدّقون أنّ هناك قانوناً جديداً للإنتخابات النيابية، وانها ستجرى على أساسه بعد إنتهاء فصل الصيف، أو في أواخره، وتحديداً في النصف الثاني من شهر أيلول المقبل؟
إنّ المؤشرات، كلها، تعزّز الرأي القائل بأنّ إنتاج قانون جديد للإنتخابات النيابية بات من رابع المستحيلات في ما تبقى من مهلة زمنية ضاقت، وتضيق أكثر فأكثر كلّ يوم الى درجة أننا بتنا في الدقائق الأخيرة من الربع الساعة الأخير، على حدّ ما كتبنا، في هذه الزاوية، قبل بضعة أيام.
فالمنطق، والمعطيات كلّها تشي بأنّ ما عجز عنه القوم طوال ثماني سنوات (منذ العام 2009 وحتى اليوم) لن يكونوا قادرين على تحقيقه في خلال الأيام المعدودة التي تفصلنا عن 19 حزيران المقبل، أي في اليوم الذي تنتهي ولاية مجلس النواب ويصحّ القول: الولايتان الإثنتان لمجلس النواب: الأولى الطبيعية والثانية ذات التمديدين الذاتيين.
وفي تقدير الكثيرين أنّ ما يحول، حتى الآن، دون إقرار قانون الإنتخابات،عاملين متلازمين هما: الأوّل عدم قدرة العقل السياسي اللبناني على أن يفرز أي إنجاز مهم لمصلحة الوطن والمواطن، وبالتالي فالقوم منصرفون الى تقديم مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية العليا… ولأن هذه المصالح قد تتأمن لفريق على حساب أي فريق آخر في قانون ما، لذلك ينشب هذا الخلاف الحادّ في ما بينهم، وأما الكلام على الإختلاف في وجهات النظر حول كيفية تأمين المصلحة العليا بهذا القانون أو بذاك، فهذا ليس سوى ذر للرماد في العيون… والواقع مكشوف للمواطنين، ولا يحتاج الى كبير شرح وتفصيل.
وأما العامل الثاني فهو الإتفاق الضمني (ومن باب الإنصاف نقول) بل تقاطع المصالح الذي يقوم على أنه ليس لأحد مصلحة في تغيير قانون الستين. كيف يكون ذلك؟
أولاً – القانون يجب أن يقره النواب. فهل نرى النواب سيستعجلون تبديل القانون الذي أوصلهم الى الندوة البرلمانية في ساحة النجمة؟ صحيح أنّ هؤلاء النواب ليسوا، في أكثريتهم، أصحاب قرار، ذلك أن قرارهم يتخذه بالنيابة عنهم قادة «البوسطات» الذين «أقلوهم» الى حيث أصبحوا نواباً «عن الأمة»، وفق النصّ الدستوري! صحيح ذلك، ولكن تظل لبعض النواب القدرة على التأثير.
ثانياً – إنّ قادة البوسطات يعملون بالقول المأثور «قديم تعرفو ولا جديد تتعرّف عليه»… خصوصاً إن التأقلم مع أي قانون جديد لن يكون بالأمر السهل… علماً أنّ قانوناً مستحدثاً قد يقتضي تعديلاً في «المفاتيح الإنتخابية»… وما يترتب على ذلك من نفقات ليس القوم متمكنين منها بأكثريتهم.
ثالثاً – إنّ الذين يضمنون لوائح كاملة في دوائر عديدة، على قانون الستين، سيكونون مضطرين، حكماً لخسارة بعض مرشحيهم على قانون النسبية، وبالتالي نقصان في عديد هذه الكتلة أو تلك… فلماذا وجع الرأس.
والخلاصة، في تقديرنا، أن هناك كثيراً من الخبث يتحكم بكثير من مواقف الكثير من القوم.
هل أسأنا الظن؟
صحيح أن «بعض الظن إثم»… ولكن ايضاً إن «سوء الظن من حسن الفِطن».