IMLebanon

هل وضعت خطة الانتقام من إعدام العسكريين قيد التنفيذ؟

يعيش لبنان الامني والسياسي، اختبارا صعبا هذه الايام، يظهر جليا مع انقلاب الورقة التي اعتبر حصوله عليها،مع توقيف الدليمي وزوجة شركس، ضده،وسط تطاير الشظايا في اتجاهي، اهتزاز السلم الاهلي بقاعا، وتصعيد الاهالي بدون وجود اي افق على حد قول مصادر متابعة للملف، ما يخلط الاوراق بانتظار ايجاد البديل القادر على تحرير رقاب العسكريين، وما اذا كانت خلية الازمة، التي رمت كرة نارها الى لجنة امنية اعجز منها، بعدما صوبت السهام اليها من «اهل بيتها»، قادرة على استكمال مسارها بنفس الايقاع.

فالتعقيدات المستجدة مع إنهاء قطر وساطتها رسميا، فرضت اعادة تموضع لبناني تضيف المصادر وسط استمرار البحث عن بديل يتراوح بين الشيخ جاسم العسكر و«هيئة علماء المسلمين» التي تضع شروطا لتسلم المهمة في استباق لتحرك يعد له ممثل المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ زغيب ويدعو الى خطف اتراك وقطريين على غرار ملف اعزاز. مع اعتكاف الشيخ مصطفى الحجيري في ظل الملابسات التي تحيط بدوره مع تحوله في كل مرة من «منقذ» الى «قاتل» حسب بورصة الاعدامات والتهديدات، و«العقدة المخفية» في اقصاء الوزير وائل ابو فاعور، وامتناع المسؤولين الامنيين المعنيين مباشرة عن اخذ زمام المبادرة واجراء تفاوض مباشر، يقفل باب الامل بامكان حصول انفراج قريب في الملف، مع وصف المصادر، بانه مجرد «فرقعة اعلامية»، مشككة بقبول الحكومة بها بعدما باتت تملك اوراقاً قوية، وتنظيم «داعش» المستاء من مواقف احد رجال الدين في «الهيئة» حمل قبل فترة وبشدة على ممارسة التنظيم الارهابية، بالوسيط الجديد، رغم ان مبادرة الهيئة التي تحتاج تكليفا رسميا من الحكومة، بحسب طلبها، غير ممكن قبل الاسبوع المقبل لوجود الرئيس تمام سلام في باريس، هذا إن حظيت المبادرة بإجماع الوزراء الأربعة والعشرين.

الا انه وبعد مرور اكثر من يومين على اعلان اعدام البزال، لم تلاحظ المصادر اي حراك استثنائي يشير الى تغيير في نمط العمل الرسمي لانقاذ العسكريين،رغم الكلام عن خطة سرية عهد بتنفيذها الى «اللجنة الامنية» المنبثقة عن خلية الازمة، تغلفها السرية، ابرز خطواتها بحسب المصادر، اقفال المسارب، «جولة» توقيفات جديدة، قصف مواقع المسلحين، وتصفية بعض المطلوبين، فان اخلاء سبيل زوجة ابو علي الشيشاني القيادي في تنظيم «داعش» آلاء العقيلي، التي نقلت منذ السبت الماضي الى عهدة المديرية العامة للامن العام بعدما سلمتها مديرية المخابرات في الجيش الى النيابة العامة العسكرية فأخلى القاضي صقر سبيلها واودعها الامن العام للتصرف لكونها غير لبنانية ولاتخاذ التدابير اللازمة، على اعتبار ان التحقيقات لم تظهر تورطها في اي ارتكابات او اعمال مخلة بالامن خلافا للدليمي التي كانت تحمل هوية مزورة، التي اصدرت قاضي التحقيق العسكري نجاة ابو شقرا مذكرة وجاهية بحقها، وغيابية في حق زوجها الفلسطيني كمال محمد خلف، رغم نفي رئيس المحكمة العسكرية، ما طرح علامات استفهام حول مدى قوة هذه الورقة وامكان استخدامها من الجانب اللبناني في المفاوضات، كما يثير القلق من ردة الفعل لدى الخاطفين.

سيناريوهات واجندات مخفية دفعت بالنائب وليد جنبلاط بالنزول الى ساحة رياض الصلح ولقاء الاهالي، مؤيدا المقايضة دون قيد او شرط، بعد تهديده بفضح المعرقلين لعمله بأن المقايضة هي الحل ومن يعرقلها شريك في دم الاسرى، مطالبا بعض اجهزة المخابرات ان تركز جهدها على الاستعلام العملاتي في جرود رأس بعلبك وغيرها من المناطق لتفادي سقوط المزيد من الشهداء في صفوف العسكريين بدل ان تتلهى بتسريب تفاصيل التحقيقات مع الموقوفات في الصحف. هو المتوجس من انفجار وشيك في حال لم يحسم هذا الملف قريبا لما له من تداعيات طائفية ومذهبية قابعة تحت رماد التحركات الجارية في الشارع والتي لن تستثني احدا في حال انفجارها.

في موازاة ذلك تضيف المصادر، عادت الانظار لتتجه بقاعا مع تسارع تطوراته الميدانية، من انفجار سيارة حسن عز الدين العامل على خط تهريب المازوت والمواد الى الفصائل المسلحة في جرود عرسال، والذي اخرج بمواكبة امنية من البلدة، وقبلها حزم الجيش امره واغلق قبل يومين الطرقات التي تربط عرسال بالحصن ووادي عطا والرعيان بالسواتر الترابية، حيث استهدفت دورياته أكثر من مرة هناك بعبوات ناسفة أو بكمائن أعدها المسلحون، وإبلاغه الجميع بأن أي تحرك هناك هو معاد، في خطوة للتخفيف من منسوب العمليات ضده كما التضييق على المسلحين، مقابل ابقائه على الطرقات التي تربط عرسال بوادي حميد والمصيدة لوجود مصالح لأهالي البلدة هناك ولأن مراقبتها دقيقة وفاعلة حيث يمنع على اي كان المرور وبحوزته مواد غذائية وتموينية.

اجراءات تتزامن مع الحديث عن امكان عودة التوتر وبشدة من البقاع الشمالي برأي المصادر، مع استمرار قطع الطريق الرئيسي الذي يربط عرسال بالداخل اللبناني بالاتجاهين من قبل حاجز مسلح في البزالية، رغم تهديدات بفتحها بالقوة بعد مرور ثلاثة ايام، ترافقا مع منع زوجة البزال من المشاركة في العزاء عن روحه، وصولا الى الكورة والضنية والبلدات الشمالية المحاذية لسوريا،التي تغلي على وقع المداهمات والاجراءات الامنية المشددة التي ينفذها الجيش، في وقت لوحظت حشود للمسلحين ولا سيما في وادي عجرم والتي يتعامل معها الجيش بالنار، حيث نفذ ليلا عمليات استباقية على مراكز وتحصينات المسلحين في الجرود وتحديدا في مناطق مار طيبا، وادي ميرا، الرهوة، وادي الخيل ووادي حميد، شاركت فيها المروحيات وطائرات السيسنا التي اطلقت عددا من صواريخ «هيل فاير»، كما منع الجيش دخول الجرحى الى عرسال باستثناء حالة محمد حسن الحجيري الذي قضى مع بعض افراد عائلته في احدى الغرف التي يستخدمها المسلحون في وادي العجرم وبعد سماح الجيش للبلدية بنقلهم الى البلدة، بحسب مصادر عسكرية.

وسط كل ذلك، لا بارقة امل بعد الطريقة المبهمة التي اعلنت فيها «جبهة النصرة» اعدام الشهيد علي البزال والصورة التي وزعتها وسط الشكوك والتضليل حولها، حيث اوضح خبراء تقنيون ان صورة الاعدام خضعت لتعديلات على برنامج «فوتوشوب» على كومبيوتر من نوع «آبل» وان الشخص الذي عمل على تعديلها خبيرفي هذا المجال لافتة الى ان التعديل حصل على مستوى صورتين ما يعني ان الصورة المنشورة غير دقيقة، يضاف الى ذلك التشكيك بصحة الشريط المنسوب للبزال على موقع احد الصحافيين قبيل اعدامه بعدما بينت المراجعات والتحليل وجود اصوات اطفال في الخلفية كذلك غياب اللكنة البعلبكية في اول الكلام.

الحقيقة صعبة، والبلد في حال حداد دائم ومأتم متنقل مع تحول الشهادة الى سبب اضافي لعزل اللبنانيين بعضهم عن بعض. مع سقوط بقايا ثقة الاهالي بخلية الازمة وبالحكومة مجتمعة، بدليل مطالبتهم بسحب الملف من يد الممسكين به وتسليمه للنائب وليد جنبلاط الذي اثبت شعورا قويا بمأساتهم.