لافتاً كان موقف الرئيس سعد الحريري في توقيته خصوصاً في المكان الذي أُعلن منه. فليس بسيطاً، ولا هي مجرّد مصادفة أن يتحدّث رئيس مجلس الوزراء عن رفضه القاطع للتمديد من عين التينة بالذات في أعقاب لقائه رئيس مجلس النواب في حضور أبرز «مستشارين إنتخابيين» الوزير علي حسن خليل والسيّد نادر الحريري.
وفي المعلومات المتداولة، بصورة غير رسمية إلاّ أنها موثوقة، أن زعيم تيار «المستقبل» أطلق الـ»لا» الحاسمة للتمديد قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الموعد الذي حدّده الرئيس نبيه بري لجلسة مجلس النواب التي سيكون إقتراح التمديد للمجلس من أبرز البنود على جدول أعمالها إن لم يكن (عملياً) البند الوحيد… وأنّ الحريري ينطلق في موقفه المعارض للتمديد من إقتناعه الراسخ بأنّه لا يجوز أن تعقد الجلسة في غياب القيادات المسيحية البارزة والتي تتمثل بالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب.
ولا شك في أنّ الحريري يشعر بأنّ الميثاقية ستكون، على الأقل، منتقصة إن لم تكن معدومة في غياب الطيف المسيحي الفاعل، بل الأفعل، وبالتالي فإنّ التمديد في حال غياب هذا الطيف سيترك شرخاً كبيراً في النسيج الوطني. إذ لا يكفي أن يذهب 35 نائباً (وما فوق) الى إقرار قانون يُفرض على الطيف المؤسس (مع سواه طبعاً) للكيان اللبناني.
وفي هذا الإطار ليس في الأمر ما يشكك أو لا يشكك بالنواب الذين قد يحضرون الجلسة ويصدّقون على التمديد للمجلس النيابي. فهذا الموضوع ليس مجال بحثنا، هنا… إنما المبدأ هو الإلتزام بالعرف الذي إعتُمد دائماً في لبنان، وبالذات في مجلس النواب… وهو عرف قديم وحديث. ففي سبعينات القرن الماضي لم يقبل الرئيس كميل شمعون أن تنال إحدى الحكومات الثقة خلافاً لإرادة الطيف السني، وكانت الثقة مضمونة بأكثرية ساحقة، ولكن الرئيس شمعون بادر، قبيل بدء الجلسة الى إعلان الإنسحاب من المجلس بالتوافق مع نواب الحلف الثلاثي، علماً أن كتلة «الوطنيين الأحرار» وحلفائهم، بزعامة شمعون، كانت الكتلة النيابية الأكبر في حينه.
وفي الأمس القريب رفض الرئيس نبيه بري نفسه أن تعقد إحدى الجلسات النيابية التي قاطعها تيار «المستقبل» وحلفاؤه، مع أن النصاب كان مؤمناً، فلماذا ما يجوز هناك لا يجوز عندما يتعلق الأمر بالطيف المسيحي.
والواضح أن الرئيس بري ليس في وارد المكاسرة في هذه النقطة بالذات، ومع أنّ خلفيته ظاهرة وهي تفادي الفراغ، إلا أنّ تداعيات فرض التمديد على القوى المسيحية الكبرى مجتمعة سيشكل واقعاً خطراً جداً قد يتعذّر تقدير تداعياته البالغة الخطورة من دون أدنى شك.
إنطلاقاً مما تقدم يمكن القول إن التمديد أُسقط.
فهل يجب الإكتفاء بإسقاطه؟
هذا هو السؤال – التحدّي الموجه الى الجميع وبالذات الى الفريق المسيحي المطلوب منه أن يتواصل مع سائر مكونات النسيج الوطني من أجل الإسراع في إبتكار القانون الجديد.