بدت المواقف الدولية التي صدرت في الساعات الماضية وكأنها أجمعت بأن الفراغ الرئاسي سيستغرق وقتاً طويلاً، وذلك ما ظهر من خلال الموقف الفرنسي تحديداً، وحيث دعت باريس إلى ضرورة قيام حكومة تصريف الأعمال بإصلاحات، وإجراء حوار مع صندوق النقد الدولي ما يحمل أكثر من دلالة، بداية على شرعية الحكومة، ومن ثم أن انتخاب رئيس للجمهورية لا زال مسألة معقّدة داخلياً وخارجياً، وبالتالي، علم من مصادر موثوقة، أن السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، والتي كثّفت من لقاءاتها مؤخراً مع مرجعيات سياسية وروحية وحزبية، نقلت خلالها موقف الرئيس إيمانويل ماكرون، والذي يشدّد على انتخاب الرئيس العتيد، وضرورة أن تستمر الحكومة في عملها، وتواكب شؤون الناس وتُجري الإصلاحات المطلوبة، والتي من شأنها أن تفتح الطريق أمام مؤتمر الدول المانحة، بعدما تكون قد أعدّت هذه الحكومة ورقة متكاملة دون انتظار حكومة العهد الأولى، ما يعني، وفق المتابعين، أن الفرنسيين على بيّنة من صعوبة الوضع اللبناني والتعقيدات المحيطة بالإستحقاق الرئاسي، وبالتالي، تواصل باريس إتصالاتها مع المعنيين غربياً وعربياً، بشؤون لبنان من أجل الوصول إلى حلول تفضي إلى التوافق على رئيس يحظى بإجماع اللبنانيين.
في السياق، تابعت المصادر الموثوقة، بأنه، وأمام إطالة أمد الفراغ الرئاسي، واستلام حكومة تصريف الأعمال السلطة، وتوجه ميقاتي للمشاركة في القمة العربية المنعقدة في الجزائر، ولذلك، ستكون له تحرّكات داخلية وخارجية في هذه المرحلة، دون استبعاد قيامه بجولة عربية وأوروبية، وينقل عن هذه المصادر، أنه قد يزور العاصمة الفرنسية للقاء الرئيس الفرنسي بعد المتغيّرات التي حصلت على الساحة اللبنانية، لا سيما وأن الإشارة الفرنسية لتحصين حكومته، وقطع الطريق على المشكّكين بدستوريتها والمطالبين باستقالتها، أي الرئيس السابق ميشال عون، والنائب جبران باسيل، فذلك أعطى ميقاتي جرعات دعم كبيرة، وهذا ما سيظهر جلياً في جلسة المجلس النيابي التي ستنعقد غداً.
وبالتالي، وبعد موقف باريس وعدد من العواصم العربية والغربية، ومشاركة ميقاتي في قمة الجزائر، تابعت المصادر، فهذه العناوين طغت على ما كان يراهن عليه عون وباسيل، وبالمحصلة، فإن مشاركة وزير الطاقة وليد فياض في الوفد الذي اصطحبه ميقاتي إلى الجزائر، وهو المحسوب على “التيار الوطني الحر”، فذلك يؤكد بقاء وزراء “التيار” في الحكومة.
وأخيراً وأمام إطالة أمد الفراغ الرئاسي، وارتياح ميقاتي لوضعيته حكومياً، وما توفّر لها من غطاء داخلي وخارجي، فإن عنوان الأسابيع المقبلة سيكون التصعيد السياسي على خلفية الإستحقاق الرئاسي، وحيث عون وتياره بحاجة إلى استمرارهم في استنهاض قواعدهم الحزبية ومناصريهم، بعدما لم يتمكّنوا من فرض حكومة جديدة تلبي مطالبهم ومصالحهم، ولكن يمكن التأكيد بأن أي استحقاق دستوري وسواه، بات موضع متابعة ومراقبة لصيقة من المجتمع الدولي، ولهذه الغاية ليس باستطاعة الرئيس السابق للجمهورية أن يناور ويعطّل كما كانت الحال في محطات سابقة.