ماذا بعد الموازنة؟
الاعتقاد السائد ان انجاز الموازنة شكل صدمة ايجابية فورية رغم الفترة الطويلة التي استغرقتها التجاذبات حولها داخل وخارج مجلس الوزراء.
وينتظر ان تتسلم دوائر المجلس كامل نسخات الموازنة بعد طبعها لتوزيعها على الـ128 نائباً تمهيداً لمباشرة لجنة المال درسها في ورشة قد تستغرق شهراً على الاقل كما اكد الرئيس بري امام زواره أمس.
ولا يخفي رئيس المجلس ارتياحه لمجرد انتهاء الحكومة من الموازنة معرباً عن رضاه بصورة عامة على الصيغة التي توصل اليها مجلس الوزراء بعد جلسات ماراتونية استغرقت وقتاً غير عادي وجدلاً ساهم في تأخير انجازها.
ويؤكد امام زواره ايضاً أن المجلس سيقوم بمسؤولياته ويعمل على درس واقرار الموازنة بأقصى سرعة ممكنة، مشيراً الى انها تحتاج في لجنة المال لشهر على الاقل وفق آلية مكثفة وناشطة.
ويضيف بري بأن تخفيض العجز من 11 الى 7.5% أمر جيد، مذكراً بأنه كان اكد منذ اسابيع انه لا يجوز احالة الموازنة الى المجلس من دون تخفيض العجز أقل من 9%.
وفي شأن بعض الثغرات او الملاحظات حول مشروع الموازنة يقول ان لجنة المال كالعادة ستنكب على مناقشة كل بنوده بمشاركة الجهات المعنية واعضاء اللجنة ونواب آخرين كما حصل ويحصل اثناء درس الموازنة ومشاريع قوانين مهمة اخرى.
واذا ارتأت تعديل هذا البند او ذاك فهذا عائد لها وسيكون محصلة النقاش المفصل الذي سيحصل فيها، مع العلم، ان الهيئة العامة للمجلس هي التي ستقرر في النهاية الاخذ برأي اللجنة ام لا او اضافة تعديلات اخرى.
ويؤكد بري انه في كل الاحوال فان المجلس لن يتوانى عن القيام بمسؤولياته ازاء اقرار الموازنة والحرص على تخفيض العجز لأن في ذلك نقطة ايجابية مهمة لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي.
ويقول مصدر سياسي بارز ان هناك ملفات مهمة يجب ان تفتح او يجري التركيز على معالجتها بعد الموازنة وفي مقدمها ملفان اساسيان: ملف النفط والغاز، وقضية النازحين السوريين.
وفي اعتقاد المصدر ان ملف النفط وضع على السكة الصحيحة منذ اقرار القوانين الخاصة بعد على ضوء التوافق بين اطراف الحكم، وانه دخل مرحلة مهمة اخرى بعد الاتفاق بين اركان الحكم على الورقة اللبنانية للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية مع فلسطين المحتلة.
ويسجل في هذا المجال التقدم الذي حصل منذ بدء مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد في هذا المجال، الاّ ان هناك حاجة لمزيد من الخطوات والمساعي خصوصاً ان هناك نقاطاً عديدة ما تزال موضع خلاف بين لبنان واسرائيل.
وتقول مصادر مطلعة في هذا المجال ان جولة ساترفيلد امس لم تحقق تقدما ملحوظا كما ظهر في الجولتين الاول والثانية، وان هناك حاجة لمزيد من الوقت والجهد، خصوصا ان «اسرائىل» لم تعط اجوبة واضحة وحاسمة حول بعض الامور المطروحة ومنها تلازم المسارين بالنسبة لترسيم الحدود البحرية والبرية.
وتضيف المصادر ان المسؤول الاميركي وعد بإعطاء مزيد من الاجوبة والايضاحات للجانب اللبناني في غضون الثماني والاربعين ساعة المقبلة عبر السفارة الاميركية في لبنان، وانه بصدد اجراء المزيد من البحث مع المسؤولين السوريين لاستكمال حسم النقاط العالقة قبل بدء التفاوض عبر اللجنة الثلاثية العسكرية، وهذا ما يتماشى مع الموقف اللبناني الذي يشدد على رعاية الامم المتحدة لهذه العملية.
وفي شأن قضية المهجرين يتوقع اعادة تحريك هذا الموضوع بعد مرحلة من الجمود. وما يعزز هذا الاعتقاد ارتفاع الاصوات الداعية لفتح هذا الملف، بالإضافة الى ازدياد وتيرة الشكاوى من ثقل وجود هذا العدد الضخم من النازحين في لبنان ومن بينها ما صرح به رئىس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ويقول مصدر وزاري ان هناك حاجة لحسم موضوع التواصل مع الحكومة السورية وان على الذين يعارضون ذلك ان يعدلوا موقفهم اما بتأييد هذا التواصل او القبول به ضمنا والانكفاء لصالح فتح ملف النازحين بين بيروت ودمشق بكل جدية وفعالية.
وبرأي المصدر ان الرئىس ميشال عون يمكن ان يلعب دورا مهما واساسيا في تجاوز هذه العقبة، وانه مطالب بلعب هذا الدور في اقرب وقت.