Site icon IMLebanon

كلفة الوصول متأخرين  الى القرارات الضرورية

كان الزعيم البريطاني والحليف الأول لأميركا ونستون تشرشل يقول انه واثق من ان المسؤولين الاميركيين يأخذون الخيار الصحيح بعد ان يجربوا كل الخيارات الخاطئة. وهذا ما ينطبق على التركيبة السياسية اللبنانية، أقله منذ استعادت أو أعيدت لها لبننة القرارات بعد انتهاء الوصاية رسميًا. فلا هي توصلت الى اتفاق مبدئي على قانون انتخاب حسب النظام النسبي في ١٥ دائرة الا بعدما استهلكت في نقاش عبثي عشرات المشاريع والصيغ على مدى سنوات. ولا القرارات التي لا بد منها في قضايا أساسية أو حتى في قضايا ادارية يتم اتخاذها الا بعد الدوران في مأزق خلافات وسجالات وأزمات الى ان تكتمل المحاصصة ويدفع البلد ثمن الدعسات الناقصة. والوقت مفتوح بلا حساب، مهما تكن الضرورات والتحديات، وليس حسب المثل القائل الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك.

ذلك ان السؤال البسيط بعد تبادل التهاني بالتوافق على قانون الانتخاب، اذا اكتمل، هو: ألم يكن ممكنا التوصل اليه قبل ثلاث سنوات بعدما جرى طرحه في بكركي، أو بعدما اقترح حزب الله النسبية الكاملة كمشروع وحيد، أو ضمن التسوية التي انهت الشغور الرئاسي في خريف العام الماضي؟ ألم يكن ممكنا انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في المهلة الدستورية في ربيع العام ٢٠١٤ بدل الدوران في كل الاتجاهات ودخول البلد في شغور رئاسي دام اكثر من سنتين ونصف سنة للتسليم اخيرا بانتخابه؟ وهل كان التمديد للمجلس النيابي قدرا لا يرد فرضته ظروف قاهرة أم خيارا شبه جماعي في ظروف طبيعية للهرب من الانتخابات وحرمان اللبنانيين من حقهم في اختيار من يمثلهم لمصلحة الذين استسهلوا اغتصاب السلطة؟

مفهوم ان المسائل اشد تعقيدا من ذلك. وخصوصا حين يكون الاحتكام الى الدستور على طريقة آلا كارت وتصبح المصالح المحلية واحيانا الخارجية فوق الدستور والقوانين. لكن ما يجب ان يكون مفهوما ايضا هو كلفة الشغور الرئاسي على الجمهورية ومصالح الجمهور، وكلفة التمديد للمجلس النيابي على النظام الديمقراطي البرلماني وكلفة تعطيل المجلس عن العمل، فلا هي مجرد سنوات من التوقف عن السير الى امام والتطور وممارسة الحياة السياسية بل اكثر من عقد من التخلف السياسي والتراجع الاقتصادي والبؤس الاجتماعي، اذ من يتوقف يسبقه الآخرون والزمن. ولا شيء يزيد في تكبير الاضرار والخسائر سوى تكيف الناس مع الكارثة، وتهرّب التركيبة السياسية من تحمل المسؤولية عنها، ثم قبض الثمن بدل دفعه.

والتجارب، على العموم، تناقض قول بنيامين فرانكلين ان العجلة تصنع الخراب.