IMLebanon

الطبقة السياسية تتعنّت والوضع الاقتصادي يضرس… ماذا بعد؟

 

زيادة رؤوس أموال المصارف رهن انقشاع رؤية المبادرة الفرنسية

 

بعد مرور شهر ونصف الشهر على استقرار سعر صرف الدولار بين الـ7000 والـ7500 ليرة لبنانية، هزّ اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة الوسط السياسي ومعه النقدي، جارفاً معه سعر صرف الدولار صوب الـ 8350 ليرة بُعيد كلمة الإعتذار وراسماً صورة قاتمة خلاصتها “فالج لا تعالج”، مع محاصصة السياسيين الذين يضربون مصلحة البلاد بعرض الحائط.

 

مصرف لبنان على شفير رفع أو ترشيد الدعم عن السلع الأولية والسلّة الغذائية وإطلاق البطاقة التموينية التي لا شيء رسمياً حولها لغاية اليوم. الدواء مفقود من الأسواق وحتى لقاح الإنفلونزا الموسمي لم يصل بعد الى لبنان وإن لم يأت خلال الأسبوع الجاري فلن يأتي أبداً إستناداً الى إفادة أحد الصيدلانيين، بسبب تأخّر الطلبية من لبنان جرّاء روتين فتح الإعتمادات وتوفير الأموال المطلوبة قبل عملية الإستيراد، في ظلّ زيادة الطلب على ذلك اللقاح عالمياً.

 

وإذا اطّلعنا على تسلسل مجريات الإنهيار الذي حصل في فنزويلا، نرى أن السيناريو نفسه يتكرّر في لبنان بدءاً من انهيار العملة المحلية إزاء الدولار وارتفاع الأسعار والتضخم واستيراد السلع من الخارج والفقر والجوع… أما اليوم فوصلنا الى سيناريو فقدان الدواء ومشكلة شحّ البنزين لدى محطات المحروقات التي تتكرر أكثر فأكثر، فيرفع أصحاب المحطات الخراطيم بين الفينة والأخرى بحجة نفاد مادة المحروقات لديها، ويسود الهرج والمرج لفترة ثمّ نتناول “مسكّن” باخرة محروقات لفترة أيام قليلة قبل أن تعود الأزمة، وتتضارب عبارات المعنيين بتوزيع تلك المادة بين وجود “أزمة بنزين وشحّ في المازوت” وطوراً “لا أزمة البنزين”.

 

هذا الواقع المرير يوسّع رقعة القلق لدى المواطنين الذين لا يجدون امامهم سوى خيار التهافت على شراء اللحوم التي تمّ دعمها لفترة أسبوع، كما يقول صاحب ملحمة بهدف تخزينها في ظلّ القفزات اليومية التي يحقّقها سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وبعض السلع الغذائية لا سيما الأولية… فضلاً طبعاً عن القلق من المستقبل الذي ينتظرهم في الأيام المقبلة والخشية من عدم قدرتهم على تلقي العلاجات في المستشفيات التي تئنّ بدورها، وما اذا كانت ستصحّ توقعات بنك “أوف أميركا” أن سعر صرف الدولار في لبنان في السوق السوداء قد يصل الى 46500 ليرة.

 

ويقول خبير اقتصادي مطلع لـ”نداء الوطن” أن “تحرّك سعر صرف الدولار صعوداً أو نزولاً مرتبط بالثقة ولا سبب آخر لتأرجحه”، مشيراً الى أن “السوق السوداء لا تمثل أكثر من نسبة 15% من كمية الدولارات التي يتمّ صرفها، من هنا “مش رح تخرب الدني” اذا ارتفع سعر صرف الدولار بقدر ما تؤثّر قلة الوعي الموجودة لدى الطبقة السياسية حول حقيقة ما ترتكبه أيديها وتشبثها بقراراتها”.

 

لا سيولة

 

أما عن معضلة الدواء وفقدان البعض منها بسبب تأخّر فتح الإعتمادات، كما يقول الوكلاء المستوردون، فيوضح مدير عام ورئيس مجلس إدارة “فرنسبنك” نديم القصار لـ”نداء الوطن” أن “السبب هو عدم توفّر السيولة قبل فتح الإعتمادات، فيما كانت الأموال متوفّرة في الماضي لدى المصارف”. وبالنسبة الى عملية رفع أو ترشيد الدعم التي نحن مقبلون عليها وتأثيرها ارتفاعاً في الأسعار ومزيداً من التدني في القدرة الشرائية، يقول القصّار إن عملية الدعم التي يقوم بها مصرف لبنان بناء على طلب الوزارات يجب أن يرافقها تطبيق قانون وقف التهريب على الحدود، لتقليص النزف في احتياطي مصرف لبنان وأن تقتصر الإفادة من الدعم على اللبنانيين”. وإلا وكما يحصل اليوم يتمّ استنزاف احتياطي مصرف لبنان، لصالح تهريب المادة المدعومة الى خارج البلاد”.

 

 

 

إستحقاق الـ20%

 

أما بالنسبة الى استحقاق زيادة المصارف رؤوس أموالها بنسبة 20% التي يجدر أن تتحقّق في شباط المقبل، وإلا يضع مصرف لبنان يده على المصارف المتخلّفة عن ذلك وقد تخرج من السوق المصرفية، فطرح القصّار سؤالاً حول ما اذا كانت تلك الزيادة المطلوبة ستستخدم لرسملة مصارفنا أو مصرف لبنان؟ مؤكداً استعداد المصارف لرسملة مصارفها، وهي تتحضّر لذلك، ولكن ليس لرسملة البنك المركزي في ما بعد كون الدولة هي المساهمة فيه. انطلاقاً من هنا يؤكّد أن المصارف مستعدة لرسملة مصارفها شرط أن ترسمل الدولة اللبنانية بدورها مصرفها”.

 

وإذ أشار الى ان البنوك متردّدة حول مسألة زيادة رأس المال، اعتبر أن الصورة لا يمكن أن تتضح إلا مع تشكيل حكومة جديدة وتقديم برنامجها الإصلاحي وحيازته على الثقة”.

 

ولحينه، سنعود الى فوبيا القلق من المجهول القاتم الذي ندور بدوامته منذ عشرة أشهر، فوبيا المزيد من البطالة والجوع والفقر وتصاعد سعر صرف الدولار، وعدم حصولنا على أي دعم دولي لا سيما من صندوق النقد، والذي تحاول فرنسا جاهدة ان تنتشلنا منه اذ أعلن الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون مساء أمس “أننا لن نتخلى عن لبنان”، رغم استيائه من الطبقة المحلية الحاكمة التي تتعنّت واللبناني يضرس. فهل نتفاءل مجدداً؟