مهماً كان المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده وزير الخارجية اللبناني ونظيره الأميركي، مساء أمس، في قصر بسترس في ختام المحادثات الرسمية التي أجراها الزائر الأميركي مع ثلاثة رؤساء ووزيرين لم يتكلم بعدها إلاّ من مقر وزارة الخارجية. على أن يعقد سلسلة لقاءات مع قيادات وشخصيات غير رسمية، بدءاً بمن التقاهم، ليلاً في منزل النائب ميشال معوض، على أن يستكملها اليوم.
لقد تكشف المؤتمر الصحافي عن تباين حاد في موقفي الرجلين بالنسبة الى حزب الله. كان معروفاً، سلفاً، أن غاية الزيارة الأميركية المميزة (على هذا المستوى الرفيع) هي إبلاغ القرار الأميركي بأن نفوذ حزب الله يجب ألاّ يستمر في لبنان. ونقطة أميركية على السطر.
وبالقدر ذاته كان معروفاً الموقف اللبناني (وليس موقف فريق واحد) أنّ الحزب يمثل حيثية شعبية هي الأكبر في طيفه أهّلته الى فوزٍ كبير في المجلس النيابي. واللافت أنّ لبنان يعتبر أن تصنيف حزب الله بالإرهابي يؤثر على لبنان بأطيافه كافة، وأيضاً يؤثر سلباً على حركة المصارف. أمّا الأميركي فيرى أنّ تجفيف موارد حزب الله يصب في المصلحة اللبنانية.
فلا حجّة الوزير جبران باسيل غيرت أو ستغير ما جاء مايك بومبيو ليبلغه ليس فقط لأخذ العلم والخبر إنما لضرورة العمل ضدّ الحزب بل لعزله. باعتبار أنه لم يفت وزير الخارجية الأميركي أن يشير، سلباً الى وجود وزراء حزب الله في الحكومة…
ولا حجّة بومبيو ستقنع الوزير اللبناني وفريقه السياسي بتعديل الموقف من الحزب.
ولا بدّ من التوقف أمام تجاهل الوزير بومبيو نقطاً حساسة كانت عنصراً رئيساً في محادثاته اللبنانية ليس في قصر بسترس وحسب، بل كذلك في قصر بعبدا وعين التينة وبيت الوسط ووزارة الداخلية، وأبرزها قاطبة قضيتان ملحتان جداً وهما قضية النازحين السوريين ومسألة الحدود (بما فيها حدود المياه الاقتصادية اللبنانية واستطراداً الغاز والنفط). وهاتان المسألتان في غاية الأهمية بالنسبة الى لبنان من حيث استقراره الأمني والاقتصادي. لم نكن مع بومبيو في لقاءاته لنعرف كيف تعامل مع هذين الملفين اللذين أثارهما معه من دون شكّ معظم إن لم يكن جميع الذين التقاهم، ولكن تجاهله أي إشارة إليهما في المؤتمر الصحافي ليس مجرّد سهوٍ إنما هو تجاهلٌ متعمد لأسباب معروفة، أقله ليعطي انطباعاً بأن زيارته تدور حول نقطة محورية هي إيران وحزب الله.
وكعادتنا في لبنان ستختلف آراؤنا في تقويم الزيارة التي تبيّـن أنها ليست «رفع عتب» فالإقامة يومين في لبنان، وتوسيع شبكة اللقاءات الرسمية وغير الرسمية رسائل (لا رسالة واحدة) الى من يعنيهم الأمر الأميركي.