يا لها من مصادفة، جميعهم موارنة، من القاضي فيليب خيرالله إلى القاضي فوزي داغر إلى القاضي منير حنين إلى القاضي فادي عقيقي وصولاً إلى قضاة أصبحوا وزراء.
في أية خانة يوضَع أداؤهم؟
إنهم من زمن «الحقبة العضُّومية» التي تقوم على «الولاء والطاعة» لنيل المراتب والمناصب والمكاسب، ويبدو أن «العضومية» لم تعد مرتبطة بشخص بل اصبحت نهجاً سار عليه قضاة منذ ثلاثين عاماً، وتوارثها قضاة من جيلٍ إلى جيل.
قد يكون ملائماً للقاضي أن لا يسمع صوت كنيسته (علماً أن قضاة يأتمرون بمراجع دينية من سائر الطوائف) لكنه يسمع من «الضابط المناوِب» في عهدٍ أو حقبة، أو من رئيس هذا الجهاز أو ذاك، فإذا كان مرضياً عنه، ونفَّذ «التعليمات» تبوَّأ أعلى المناصب الوزارية، مكافأةً له على «صمتٍ ارتكبه» أو قرارٍ اتخذه.
القاضي فادي عقيقي ليس الأول ولن يكون الأخير، للأسف، هو قرأ جيداً في «كتاب» عدنان عضوم، وتدرَّج في كتب عدد ممن سبقوه من قضاة موارنة وغير موارنة في مناصب رفيعة وحساسة زمن حقبة الوصاية حملوا «بصمة الطاعة»، فكان «التلميذ النجيب».
ليس من باب المصادفة أن تسمي البطريركية المارونية في بيانها القاضي عقيقي بالإسم فتؤكد ان ما حصل هو «بقرار من مفوّضِ الحكومةِ لدى المحكمةِ العسكريِّة، القاضي فادي عقيقي» لتنهي فقرتها بالمطالبة بإقالته: «أمّا وقد حصل كلُّ ذلك، فلا بدَّ من مواجهةِ هذا التطاول وتصحيحه بمحاسبة كلّ مسؤولٍ عمّا جرى مهما كان منصبه، وحتى إقالته».
وتتابع البطريركية: «ليست المرّة الأولى التي يَقترف فيها مفوّضُ الحكومةِ لدى المحكمةِ العسكريّة أعمالاً خارج الأعراف والمألوف. لذلك نطالب أيَضاً مدّعي عام التمييز إحالة القاضي عقيقي إلى التفتيش القضائيّ وتنحيته. ونجدّد مطالبتنا باستقلاليّة القضاء عن السلطة السياسيّة».
هل قام القاضي عقيقي بما قام به، «من رأسِه»؟ هل اراد ان يبرهِن لأسيادِه أو «سيِّده» ان ولاءه ليس فيه «زغل»؟ هل توهَّم أن المطران بهذه «البلاهة» ليكون عميلاً بنقل الاموال من عملاء لعملاء؟ قد يكون سَكِر القاضي عقيقي من «زبيبة» الطيونة، وتراءى له ان هذه الممارسات ستُجلسه على كرسي القاضي هنري خوري في وزارة العدل، لكنه نسي او تناسى ان هذا الكرسي جلس عليه القاضي عدنان عضوم ايضاً.
ما حصل للبطريركية المارونية على يد القاضي فادي عقيقي، هو سطرٌ من كتاب الإضطهاد الذي تعرض له «الصرحِ البطريركيّ الذي صَمَد في وجهِ ممالكَ وسلطناتٍ ودولٍ، فزالوا هم وبَقيت البطريركيّة» وفق بيان البطريركية. لكن هل تشكِّل فصول هذا الكتاب دروساً للقاضي عقيقي ولغيره من قضاة لبسوا ثوب قوس المحكمة بالمقلوب!؟