Site icon IMLebanon

سياسة اختراع خطر بدل فتح فرصة

  

ليس أمرا قليل الدلالات ان يكرّر المسؤولون التأكيد يوميا على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها. ولا أن تستمر الشكوك في اجرائها والتنظير لاحتمالات التأجيل على الرغم من تجهيز العدّة اللازمة لعملية الانتخاب في المجلس النيابي ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية: من صدور قانون الانتخاب بعد ثماني سنوات من المماطلة المنهجية الى تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات وإقرار الاعتمادات والتجهيزات المطلوبة لاجرائها. ومن صرف النظر بسبب ضيق الوقت، عن البطاقة الانتخابية الممغنطة التي كانت حجّة التمديد الأخير للمجلس والمرشح التأخر في اعدادها لأن تكون حجّة التأجيل الجديد الى تأجيل بطاقة الهوية البيومترية والسماح بالتصويت بالوثائق التقليدية.

ذلك ان ما يدفع الناس الى التشكيك هو اللاثقة بوعود السلطة بالنسبة الى مسائل ادارية كايجاد حلول لمشاكل الكهرباء والماء والنفايات، وطبعا بالنسبة الى الشفافية وانتقاء النخب والكفايات في التعيينات التي تنتهي بالمحاصصة السياسية والحزبية والمذهبية وحتى العائلية والشخصية. وهو أيضا التجارب المتعددة مع ازدواجية المواقف وحسابات الخائفين من الانتخاب، حيث للسلطة صحيفة سوابق. أليس ما نسمعه من رفض لأي تأجيل للانتخابات هو ما سمعناه عشيّة التمديد الأول للمجلس النيابي ثم الثاني والثالث؟

مبرّر التمديد الأول كان القول ان الوضع الأمني خطير لا يسمح باجراء انتخابات نيابية، مع ان الانتخابات البلدية أجريت في هدوء وهي أشدّ حساسية لدى الناخبين من النيابية. ومع ان حرب سوريا لم تمنع من اجراء انتخابات رئاسية ونيابية، والمخاطر الأمنية والأزمات السياسية في العراق لم تؤخّر الانتخابات. كذلك الأمر بالنسبة الى التمديد الثاني، قبل أن يأتي التمديد الثالث لمدة أحد عشر شهرا تحت عنوان التمديد التقني وهو عمليا كان ضمن بنود التسوية السياسية التي أنهت الشغور الرئاسي وجاءت بالحكومة الحالية.

وبكلام آخر، فان اللعبة ليست الذهاب بالاضطرار الى التمديد بسبب وجود خطر بل اختراع خطر للذهاب بالخيار الى التمديد المقرر بدل فتح فرصة. والتنظيرات بدأت سلفا لاحتمالات التأجيل في ضوء التهديدات المتبادلة بين أميركا واسرائيل من جهة وايران وحزب الله من جهة أخرى. والظاهر ان هناك من هو مستعد، لاختراع خطر سواء كان حربا اقليمية أو عالمية لتبرير اللاانتخابات. والوقت حان لأن تنتهي سياسات ربط أمورنا المحلية بما يحدث في المنطقة من تطورات. لكن السلطة التي أدمنت مخالفة الدستور، من أيام الوصاية الى اليوم، يمكن ان تجد ما هو غير طبيعي طبيعيا: ديمقراطية منزوعة الانتخابات.