IMLebanon

قال:«كفـى»!

تنعقد اليوم الثالث عشر من أيار الجلسة الثالثة والعشرين لانتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النواب، والنتيجة معروفة سلفاً: «لا رئيس»، وهذا ليس بسبب «تطيير النصاب»، بل لأن الذين يقومون بهذه المهمة لم يحصلوا بعد على إذن إيراني يسمح بانتخاب رئيس للبنان، ولن يحدث هذا إلا بعد اتضاح كفّات موازين حروب إيران في المنطقة، بل إيران هي نفسها ـ ومن حيث لا تعلم ـ قد تندلع فيها ثورة كُرديّة تُحرّك القوميات الثلاث الأخرى إلى جانب الكُرد «التركيّة (التركمان والآذرية)» و»البلوشية»، و»العرب»… وهذه القوميات الأربع تشكّل 55 في المئة من الشعب الإيراني، فيما يشكّل الفرس 45 في المئة من تعداد الشعب الإيراني، وعلى ما نظن؛ لقد حان دور إيران لتذوق القليل أو الكثير مما أذاقته للعالم العربي.

بالأمس وبصراحة وشفافيّة، لم نرَ في البيان الصادر عن كتلة المستقبل النيابيّة إلا إمعاناً في «تغطية» حزب الله وسياساته التي أغرقت لبنان ودولته على كافة مستوياته عمداَ وعن تصوّر وتخطيط وأجندة إيرانية، على طاولة حوار «مزعومة» في عين التينة، فعلامَ تطالب كتلة المستقبل بأنّه «آن الأوان للنُّخب اللبنانية من كل مكونات المجتمع اللبناني أن تطلق صرخة عالية «كفى» وان تضغط باتجاه وضع حد لهذه المأساة المدمرة للأعداد الكبيرة من الشباب اللبناني الذين يساقون إلى الموت والعذاب في حرب ليست حربهم وتضعهم في حال عداء مع مجتمعهم ومع أشقائهم العرب»، وأيّ «كفىً» هذه سَتُقال أعلى طاولة عين التينة، أم عبر بيان، أم أنّهم ما زالوا يصدّقون أنّ النّخب اللبنانيّة أو الحراك المدني سيُصدّق حرفاً من معظم الفرقاء والأحزاب، ولا نستثني منهم أحداً، إلا حزب القوات اللبنانية ورئيسه الدكتور سمير جعجع، ونستطيع إحالة كلّ الباقين مجتمعين على كلّ تقلباتهم وانقلاباتهم في السياسة متى صدّرت المحاور تعليماتها، و»كفى»!!

سبق وكتبنا في هذا الهامش في العشرين من أيار العام 2013، عمّا يتفاقم ويزداد خطورةً، ويكاد يتطابق بالحرف مع ما يحدث هذه الأيام في معركة القلمون من أيار العام 2015، لأنّ إيران لم تشبع من دماء اللبنانيين الشيعة بعد: «قبضت إيران على الطائفة الشيعيّة في لبنان نصبت شبكتها العنكبوتية ليسقط فيها شباب هذه الطائفة الذين لا يأخذون الدِّين إلا من تقليد أو فتوى، أصبح معه رجل واحد يختصر القرآن والفرقان والسلطان والإسلام والدّنيا والآخرة أيضاً، فقُضيَ على عقولهم التي تمّت برمجتها لتكون آلة لا تقول إلا كلمة «لبيك»، أُرسل الرَجال إلى الموت بذريعة محاربة العدو الإسرائيلي فسكتت العائلات على اعتبار أن الأرض التي تحرّر أرضهم، والأكثر أهمية أن الرّجال الذين يموتون يدفع ثمنهم للعائلة، ويتكفّل بالأولاد وتعليمهم ليموتوا على خطى آبائهم، ألم يقل مرة حسن نصرالله في أحد خطاباته: «نأمر وحدة الإنتاج عندنا لتزيد أعداد المواليد»، هذه المنظومة كلّها تختصر كلمة «ماكينة تفقيس صيصان»، وهلمّ جراً من الولادة إلى الموت!!

الآن حزب الله وبعدما فتك الموت بالرجال يرسل الحزب تلامذة المدارس للقتال وهم معتدون آثمون لا مقاومون، وكاذبون في اتخاذهم صنيعة الإيراني ـ والسوري «داعش» ستاراً لحساب المشروع الإيراني الذي لا يمثّل فيه النظام السوري سوى المعبر الحيوي إلى الشرق الأوسط كلّه إلى لبنان وسوريا، بل إلى «الوكر» الذي بنته إيران عندنا وعشَّشت فيه «العناكبُ السامّة»، وتوحشّت، حتى يكاد ينفجر أخطبوط لعين اسمه «الجمهورية الإسلامية في لبنان»!! وهؤلاء القتلى الذين تعود جثثهم ـ كان الله في عون عائلاتهم ـ هم ضحايا الفقر أولاً، والجهل ثانياً، وحسن نصر الله ثالثاً، وإيران «رأس أفعى المنطقة» رابعاً!!

عام 2006 وخلال حرب تموز نجحت ماكينة حزب الله بالترويج لكتاب «أنت الآن في عصر الظهور» حُشيَ الكتاب بالخرافات عن موعد ظهور «مهدي الشيعة»، والمهدي المنتظر كفكرة موجود في كلّ الديانات، وعند أهل السُنّة أيضاً، ولكن أحداً لم يستفد من عبر التاريخ واستثمر في فكرة «المهدي» كحزب الله وإيران، مع أن الشيعة عبر التاريخ وفي كلّ التاريخ الإسلامي سَعْوا إلى الحكم والسيطرة على السلطة عبر « الإمام من أهل البيت»، ومع دخول حزب الله الحرب في سوريا عاد الترويج لهذا الظهور، ومع اقتراب موعد الانتخابات الإيرانية بات الترويج علنيّ ومن وزارات الدولة، وهو أيضاً ينتشر في اليمن بعدما انتشر سابقاً في العراق!! لذا؛ نحن أمام أناس يُستخفّ بعقولهم إلى أقصى الحدود لأنهم لا يستعملونها، فلو ألقوا نظرة عبر التاريخ لاكتشفوا عدد الذين ادّعوا المهدية، بل لو قرأوا كُتُبَهم لعجبوا من سخريتها من «الذين ادّعوا المهديّة من نسل الإمام الحسن»!!

منذ سنوات عشر و»إيران» جعلت من «مهدي الشيعة» لعبتها، فتكثف حضوره في الأخبار والتصريحات والأحاديث وكلّما احتاج المرشد أو معمّم متطرّف، أو سياسي محافظ متطرّف إلى دعم «مهدوي»، إيران دولةُ الخُرافة واللاعقل وتعطيل عقول الناس والعبث بوجدانهم الديني وهذا أبشع ما في الصورة!!

وهنا لا بُدّ أن ننعش ذاكرة القارئ، ألم يقل مرة أحمدي نجاد خلال حملة انتخابية، بأنّه يؤمن بأنّ نظام الجمهورية الإسلامية يخطط ويمهد الأرضية لظهور المهدي المنتظر!! ألم يقل في مرّة أخرى: «إن قائمة أعضاء حكومته موقعة من قبل المهدي المنتظر»!! أحمدي نجاد لم يعد له وجود في السياسة الإيرانيّة، ولكنّ كلّ هذه الخُرافات «المهدويّة» تتحكم بالعقل السياسي الإيراني، ليس لأنها العقل الفقهي يعتقدها فقط، بل لأنها سلاحه الوحيد لجرّ الرجال والشبان إلى تدمير أوطانهم وأوطان سواهم تحت عنوان «الحروب تمهّد لظهور المهدي»!!