مع الذكرى الثالثة لتفجير مرفأ بيروت تبقى لغة الدموع واللوعة على الضحايا والجرحى الذين سقطوا في الرابع من آب 2020 هي اللغة الوحيدة التي تعبّر عن حجم الكارثة والمأساة، التي ضربت بيروت العاصمة ولا سيما المناطق المحيطة بالمرفأ والتي نتج عنها إلى جانب الدمار الشامل سقوط أكثر من 220 شهيداً وأكثر من 7000 جريح.
ثلاث سنوات وبالرغم من استمرار التحركات لأهالي الضحايا وأصدقائهم من اللبنانيين، والتي ويا للأسف لم تسفر عن أي شيء لمعرفة الحقيقة التي بقيت تراوح مكانها بين العدلية وقضاة التحقيق.
العالم حركة بلا بركة
هذه القضية التي استقطبت مواقف شاجبة وتعاطف دولي تمثّل بزيارات مكوكية لموقع التفجير وقدوم وفود من مختلف الدول التي أعربت عن تضامنها مع الشعب اللبناني المنكوب والتي وعدت المتضررين وأهالي المنطقة بمختلف أنواع المساعدات والتعويضات. حتى أن بعض الدول الأوروبية أعرب عن تخوّفه من سرقة المساعدات، فتم خلق واستحداث جمعيات «ad hoc» هذه الجمعيات التي عرفت بالجمعيات التي لا تبغي الربح ONG والتي كان دورها الحلول مكان الدولة وتلقي المساعدات وتوزيعها على المستحقين. ولكن كما يقال بالدارج «كما حنّا كما حنين» إذ إن هذه الجمعيات بمعظمها لم تكن بأفضل حال من الدولة ولم تقم بواجباتها على الوجه الأكمل، فجاءت مساعداتها باهتة ولا تتسم بالنزاهة والموضوعية، وقد بان دور هذه الجمعيات والهدف من اختلاقها في الانتخابات النيابية الأخيرة حيث شكّلت ممراً إلزامياً لعبور نواب التغيير إلى البرلمان اللبناني.
نعم للأسى والدموع ولكن أين الحقيقة؟
بعد ثلاث سنوات من الزلزال الذي دمّر قسماً من بيروت لا بد من طرح بعض التساؤلات: لماذا توقفت المساعدات التي وعد بها أكثر من رئيس دولة وأكثر من وفد دولي؟ فما حقيقة هذه المساعدات التي باتت تشبه إلى حد بعيد المساعدات التي تعطى للدول الأفريقية التي تعاني من الجوع العطش والمرض، بحيث تقوم مختبرات الأدوية بإرسال شحنات منتهية الصلاحية أو لا تخدم سوى أشهر قليلة وذلك للحصول على إعفاءات ضريبية، وهي تشبه إلى حد بعيد مساعدات الأسلحة التي كانت ترسل غلى لبنان إبان الحرب الأهلية والتي كانت عبارة عن ستوكات قديمة لا نفع منها ولا فائدة.
كلام كثير ووعود كثيرة
أين أصبحت وعود تأمين الكهرباء بالمجان للأماكن المنكوبة؟ وهنا لسنا بصدد التشهير بهذه الشركة أو تلك التي يعرقها اللبنانيون والتي لا حاجة لتكرارها.
أين أصبحت مشاريع إعمار مختلف الأحياء المنكوبة؟ والتي وصلت إلى حد اقتسام هذه الأحياء بين هذه الدولة وتلك، وذلك بغية الإسراع في التنفيذ وعدم تضارب وتشابك المشاريع واحدها مع الآخر.
أين أصبحت عملية إعادة إعمار مرفأ بيروت؟ أليس غريباً أن يُعلن الآن وفي خضم هذه الذكرى عن المخطط التوجيهي لإعادة إعمار المرفأ؟!
وأخيراً وليس آخراً وهل من المقبول أن تسأل الدول الكبرى عن هوية مفجّري المرفأ؟ وهل من المنطقي أن يطلب من قاضٍ مقره في عدلية بيروت أن يبيّن هوية الجاني الذي يدلّ عليه أكثر من مرجع إعلامي مستقل والتي دلّت عليه مقالات لكتّاب عالميين والذي يقول بصريح العبارة أن إسرائيل تقف وراء التفجير. أليس من المريب والفاضح أن تقول الدول الكبرى التي تراقب أقمارها الصناعية لبنان منذ ما قبل استشهاد الرئيس الحريري، بان عطلاً طرأ على بث أقمارها لحظة تفجير المرفأ؟!
وفي النهاية فإذا كانت الدول الكبرى تريد المساعدة فلتكشف عن الصور التي لديها ولتكشف عن هوية المفجر المعروف والمكتوم، وذلك بدلاً من التضييق على اللبنانيين وحرمانهم من الغاز والكهرباء بحجة قانون قيصر.
* كاتب سياسي