Site icon IMLebanon

البُعد الثالث لبومبيو في بيروت: حصص في الغاز وتطويق الإندفاعة الروسية

 

حدّان ظاهران للزيارة.. ومحاصرة حزب الله من التهديد الى التنفيذ؟

 

توسيع لائحة العقوبات الأميركية سيشمل حلفاء حزب الله وأصدقاء له وتطال مسؤولين كبار في الدولة وشخصيات وازنة

ليس غريبا ان يختار مايكل بومبيو جدول لقاءاته البيروتية بعناية العارف. فله بين اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، أصدقاء كثر. تربطه صداقات مع سياسيين في بيروت وسبق أن زارها يوم كان نائبا، تماما كما يملك علاقات تعاضدية وطيدة مع لبنانيي ولاية كنساس، وكانوا سندا رئيسا له في حملاته الانتخابية (كان عضواً في مجلس النواب عن هذه الولاية بين العامين 2011 و2017)، وهو يشاركهم مناسباتهم الدينية والاجتماعية، مما أتاح إنشاء علاقات صداقة شخصية وسياسية معه.

أفاد بومبيو من هذه العلاقات ليبني تصورا واضحا عن السياسة الأميركية في لبنان، رغم انها تعتبر جزئية بسيطة في سياق الإستراتيجية  الكبرى للإقليم، حيث مصلحة اسرائيل وعصر إيران العنوان الأبرز فيها، لا تتقدمهما أولوية أخرى، سوى النفط العربي ولا سيما ما تهتم له واشنطن راهنا من إكتشاف رواسب هيدروكربونية وازنة في المتوسط (غاز ونفط).

في الظاهر، تقع زيارة وزير الخارجية الأميركية لبيروت تحت حدّين، أدنى وأقصى:

أ- الأدنى وهو تكرار الرسائل التحذيرية نفسها من مشروع حزب الله التوسعي في السلطة والساعي الى الإفادة من الأموال العامة لتعويض ما لحق به من خسائر نتيجة تراجع التمويل الإيراني، وهو ما اعترف به الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله قبل أسابيع، في موازاة حض الحلفاء على التوحّد قدر الإمكان خلف مشروع المواجهة الأميركية في المنطقة.

2- الأقصى، وهو الذهاب الى تطبيق التهديدات السابقة التي توالت على بيروت في العامين الفائتين، واشتدت خصوصا مع ترؤس بومبيو الديبلوماسية الأميركية. ولهذا التطبيق آلية أولية، تبدأ بتوسيع لائحة العقوبات لتشمل حلفاء للحزب وأصدقاء له من كل البيئات المذهبية اللبنانية وتطال مسؤولين كبارا في الدولة ووزراء وشخصيات وازنة، وهي خطوة يدرك الأميركيون واللبنانيون على حد سواء مدى جسامتها في حال تطبيقها. ولعلّ ضخامة هذه الجسامة لا تزال مانعا او عثرة تحول دون إقران القول بالتنفيذ.

أما الحد الثالث غير المنظور بعد، فقد تكون له علاقة مباشرة بالاكتشافات النفطية والغازية اللبنانية الموعودة، جنبا الى جنب مع السعي الأميركي الى إيجاد حل لترسيم الحدود النفطية البرية والبحرية مع إسرائيل، وهو سعي لا يخفى أن واشنطن تتبنى فيه بلا تردد الخيار الإسرائيلي، ولم تألُ جهدا منذ تنحي فريدريك هوف او تنحيته، على تسويقه، حتى بات خط هوف (المرفوض لدى فئة لبنانية وهي للمناسبة جعلت وسمّت نفسها وصيا ومفاوضا بالممارسة ومن خارج النصوص) خيارا معقولا بالمقارنة مع البديل الأميركي – الإسرائيلي.

هذا الحد الثالث قائم على أمرين اثنين:

1- تطويق الاندفاعة النفطية الروسية (وجزئيا الفرنسية) في لبنان. ولا يخفى أن موسكو جعلت لبنان في صلب استراتيجية نفوذها في المتوسط، وهذا النفوذ باتت له أذرع عدة، عسكرية وسياسية واقتصادية – نفطية. والتوسع الروسي في لبنان لن يقتصر فقط على المشاركة في التنقيب بحرا والتخزين في طرابلس. ومن مصلحة واشنطن في هذا السياق أن تحضر شركاتها في سوق التنقيب، فيما يستعدّ لبنان لإطلاق دورة التراخيص الثانية في المياه الإقليمية، ولإقرار مشروع قانون التنقيب عن البترول في البرّ.

2- الحرص على تحييد حزب الله تحييدا كاملا عن الثروة النفطية، وهو حرص اميركي بصبر إستراتيجي من الآن حتى بدء الإفادة اللبنانية منها، يماثل ذلك المتعلق بقطع أي شريان مصرفي قد يفيد منه الحزب.

في غمرة هذه الوقائع، وخصوصا الخطِر منها، لا بد أن واشنطن تدرك، تمام الإدراك، ان النفط في المتوسط فرصة إستثنائية لرفع معدلات النمو في الإقليم وتطوير الاقتصادات الوطنية والحد من الفقر المرتبط ارتباطا وثيقا بموجات الإرهاب والتكفير والتخلّف والاستثمار في بيئاته الخصبة!