Site icon IMLebanon

ذهب أبو الفقراء والمحتاجين والمرضى

 

 

غيّب الموت أبا الفقراء والمحتاجين والمرضى، رجل الأعمال اللبناني المهندس المرحوم ريمون نجار.

 

الرجل الذي خصّص ماله كله الذي جناه بكده وجهده من أعماله في أفريقيا على مدى 50 عاماً للأعمال الخيرية.

 

ابتداءً من مستشفى مار يوسف حيث أعاد بناءه ودفع من ماله الخاص 80 مليون دولار ليصبح هذا المستشفى من بين أهم المستشفيات في لبنان، وهنا أعني مثل مستشفى الجامعة الاميركية وكليمنصو، ومستشفى أوتيل ديو ومستشفى مار جرجس (الروم).

 

لم يكتفِ بذلك بل بنى مدرسة للصليب الأحمر اللبناني التي أصبحت أهم مدرسة في الشرق الأوسط التي تدرّس الاسعافات الأولية وتدرّب عليها وعلى قيادة سيارات الاسعاف… وفي جونيه بنى ملاحق لملعب فؤاد شهاب مجهّزة بأحدث التقنيات وأهم الأثاث، وغرفة منامة للطلاب، وبلغت كلفة هذا المشروع 40 مليون دولار سدّدها المرحوم المهندس ريمون نجار من ماله الخاص وسمّى المركز باسم والدته مينرڤا ووالده اسكندر.

 

وأيضاً رأى أنّ جامعة القديس يوسف (اليسوعية) بحاجة الى توسعة، فبنى برجين في الجامعة كل منهما مؤلف من 12 طابقاً وخمسة طوابق للمواقف، وبلغت الكلفة مع التجهيزات أكثر من 90 مليون دولار والمشروع لم يكتمل بعد، ولكن رئيس الجامعة الاب البروفسور سليم دكاش قال لنا إنّ المغفور له المهندس ريمون نجار ترك في البنك تعليمات لتسديد كامل التكاليف، وهذا مدوّن في وصيّته.

 

وقرّر إنشاء مدرسة لتعليم الأولاد الذين يجدون صعوبة في النطق، وخصّص لهذه المدرسة قطعة أرض كبيرة في جونيه سيبنى عليها مجمع سكني يؤجّر وتكون الايجارات لدفع مصاريف المركز الذي يحمل اسم زوجته رحمها الله السيدة عايدة نفاع النجار.

 

وكان هناك خلاف بين المرحوم ريمون وبين ابن حميه المرحوم الوزير فؤاد نفاع وزير خارجية لبنان في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية رحمة الله عليه، لأنّ فؤاد كان يريد من المهندس ريمون أن يورّث بعضاً من أمواله الى أولاده ولكن ريمون رفض وقال له: أولادك يملكون الكثير من العقارات وهم ليسوا في حاجة بينما هناك الكثير الكثير من الفقراء والمحتاجين والمرضى الذين يجب مساعدتهم.

 

قصتي مع المرحوم المهندس ريمون نجار بدأت من أربع سنوات حين قال لي الزميل أمين صندوق النقابة الصحافي الكبير الاستاذ جورج بشير إنّ المهندس ريمون يرغب بزيارتي، فقلت له أهلاً وسهلاً… جاءني المرحوم الى النقابة وبعد تبادل الحديث ناولني ظرفاً فيه عدد من الصور تبيّـن لي أنها تعود الى يوم وضع حجر الأساس للنقابة عام 1960… وفي الصورة المرحومون الاساتذة النقيب رياض طه وغسان تويني وسليم اللوزي والمهندس ريمون نجار والوزير المهندس هنري إده الذي رسم خرائط مبنى دار النقابة، وكان دور المرحوم ريمون التنفيذ… وقال لي: هذا شيك بقيمة مليون دولار أريد أن تبني طابقاً زيادة على المبنى… تسلمت الشيك وشكرته وبقيت نحو خمس عشرة دقيقة، وفيما كنا نتبادل الحديث كنت أسائل نفسي: ماذا سأفعل بهذا المبلغ؟ وأخيراً قرّرت أن أعيد الشيك إليه، وقلت له: شكراً على هذا العطاء الكريم الذي فاجأتني به ولكن أنا أطلب منك خصوصاً أنك مهندس ناجح أن تتولى عملية البناء لأنك أكفأ من الجميع وتعرف كيف يكون البناء أفضل الأبنية… وهذا ما حصل فعلاً.

 

بهذه المناسبة المؤلمة والحرجة في حياتي كيف يمكن أن أنسى هذا الرجل الكريم؟ كيف يمكن أن أرد له الجميل؟

 

بالمناسبة ما يحز في نفسي أنه كان دائماً يقول لي أرجو أن يعطيني الله العمر لكي أنجز لك هذا المبنى قبل أن أغادر هذه الدنيا.

 

سبحان الله وكأنّ قلبه كان دليله فكان يشعر بأنه سيموت قبل انتهاء المبنى.

 

تغمّد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

عوني الكعكي