IMLebanon

من كان منكم بلا خالد ضاهر… فليرجمه بحجر!

لم يتجه النائب خالد ضاهر وحده، أمس، إلى بيروت للقاء الرئيس فؤاد السنيورة، بعدما تأخر اجتماع كتلة المستقبل 24 ساعة لاتخاذ القرار المناسب في شأنه. رافقته أفكار عدة طوال الطريق. بدأ بالتساؤل عما يدفعه إلى قول كل ما يخطر على باله، فيما لا يجري «وجهاء القوم» مقابلات تلفزيونية غير مدفوعة. لماذا هرع، بشحمه ولحمه، إلى ساحة عبد الحميد كرامي، فيما أوعز آخرون من موناكو لبضعة مشايخ بالتصدي لجرافة القوى الأمنية؟

هو لم يبالي بتعيين مدير جديد لكلية إدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية في طرابلس قبل الحادثة الأخيرة ببضعة أيام، فيما موّل آخرون تظاهرات مذهبية واعتصامات استثنائية لإسقاط «المدير المسيحي». أي الفضيحتين أكبر: مواقفه الأخيرة أم مواقف الرئيس نجيب ميقاتي وكل تيار المستقبل والوزير السابق فيصل كرامي من تعيين مدير كلية إدارة الأعمال؟

تصل السيارة إلى جونية، يلمح تلفريك في طريقه إلى حريصا. يفكر مرة أخرى بمواقفه الأخيرة. ألا يقول غالبية اللبنانيين الأمر نفسه يومياً عشرات المرات: «شيل يلي عندك قبل ما تشيل يلي عندي». ألم تقل القوات اللبنانية لعون، يوماً، إن «عليه استعادة الأحواض الأخرى قبل أن يطالبها بالحوض الخامس».

رمت كتلة المستقبل

ثقل ضاهر عنها بعدما انتهت مرحلته

ألم يقل سياسيو المستقبل إن على القوى الأمنية ان تنتشر في الضاحية قبل أن تنتشر في طرابلس؟ يقارن بين كلامه المذهبي، والاستنفار المذهبي ضد تفعيل مرفأ طرابلس؛ أيهما أخطر: من يطالب بنزع الرموز الدينية في المناطق الأخرى قبل نزعها في منطقته أم من يحول خطة اقتصادية لإنعاش منطقة منكوبة إلى مناحة مذهبية؟ ألا تحتشد فعاليات إحدى الطوائف، بنوابها ووزرائها وكهنوتها، خلف أحد القادة الأمنيين رافضة انتقاد جهازه وتجاهل الأجهزة الأخرى؟ ألا يقول منتقدو ضاهر أنفسهم إن عليك الكتابة عن المرجعية الشيعية الدينية والسنية والدرزية والعلوية ليحق لك الكتابة عن المرجعية المسيحية؟ ألا تسأل شاشات تلفزيونية بكل وقاحة، يومياً، عمّا يجبر هذه المنطقة على دفع فواتير الكهرباء، فيما تتهرب مناطق أخرى من الدفع؟ ألا يوجد داخل كل لبناني تقريباً خالد ضاهر صغير. لعلهم، يقول ضاهر، يلتفتون إليه الآن ويقمعونه بفعالية أكبر.

سبق لضاهر أن هدد الجيش وتوعده. قال علانية إن على العسكريين الرد على أوامر قيادتهم بقتال التكفيريين بالبقاء في منازلهم. تحدث عن إدارة بعض الضباط «بيزنس» خاصاً بتطويع العسكريين. ولم يحاسب. لم تسأله كتلة المستقبل عن مجزرة حلبا أو عن عشرات الشباب العكاريين الذين ذهبوا للقتال في سوريا ولم يعودوا. لطالما ردّد بثقة إنه يقول علانية ما يقولونه هم سراً.

يروي أن رئيس كتلته السابقة طلب منه بعد يومين من موقعة «ساحة النور» أن يعتذر. شرح له مرة أخرى أنه سمى الرموز الدينية المسيحية بعد أن غسلت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية يديها من القرار المتخذ، فتبين له أن محافظ الشمال يقف خلف القرار، والمحافظ مسيحي. «دعوته إلى نزع المجسمات التي تخصه من منطقته قبل أن ينزع المجسمات التي تخصني من منطقتي». أصر السنيورة على وجوب الاعتذار. كان يمكنه التغريد على «تويتر»، بسطر واحد يضمّنه اعتذاراً صغيراً ينهي كل هذا الصخب، لكنه عجز عن ذلك. عقد مؤتمراً صحافياً وأجرى عدة مقابلات تلفزيونية ولم يوفق بالاعتذار.

دخل أمس إلى مكتب السنيورة وخرج من دون أن يلتفت إلى وجوه زملائه: هو عليم بأحقاد بعضهم عليه، وخشية بعضهم على أنفسهم من بعده. يفضل عدم إحراج نفسه والنواب العشرة الذين أشبعوه ثناء حين التقاهم في اليوم التالي للحادثة المسائية. أصر السنيورة خلال اجتماعه به على أن يعلن بنفسه تجميد عضويته في كتلة المستقبل، حتى لا يظهر بمظهر «المشحوط».

قبل ست سنوات، بدا قرار الرئيس سعد الحريري ضم ضاهر إلى كتلة المستقبل في غاية الغرابة. لا علاقة هنا لعصبيته المذهبية. هناك في كتلة المستقبل وغيرها من الكتل من هم أشد عصبية منه بكثير وأشد خطورة. يكفي استعراض أسماء النواب في الكتلة الحريرية واستطلاع أوضاعهم في مناطقهم للتيقن من عدم وجود نائب آخر في هذه الكتلة يتمتع بحيثية شعبية واستقلالية مالية ولا ينتظر توجيهات هاني حمود البريدية ليكتشف ما يتوجب عليه قوله. هكذا تصالحت كتلة المستقبل أمس مع نفسها، رمت عنها ثقل خالد ضاهر. لم تعد فعلياً تحتاجه، كانت تبحث عن ذريعة، انتهت مرحلته.