Site icon IMLebanon

«رؤوس – وقود» في مواجهة لا تبحث عن رئيس!

 

يتعزّز الإعتقاد بأنّ المواجهة الدامية بين الرياض وطهران ستزيد من حجم التعقيدات التي تتحكّم بالإستحقاق الرئاسي وهو ما تُرجم تفسّخاً متنامياً بين أهل البيت الواحد. وما يخشاه المراقبون هو أن تتحوّل رؤوس المرشحين لرئاسة الجمهورية وقودَ هذه المواجهة التي لا تبحث عن رئيس الى أن تستوي الصفقة – الطبخة الكاملة. كيف ولماذا؟

أيّاً كانت الخلفيات التي قادت الى موجة الترشيحات المتناقضة لخوض السباق الى قصر بعبدا تحت شعار ملء الشغور الرئاسي، فقد ثبت حتى الآن أنّ مرشّحي المرحلة باتوا وقوداً في حرب لا تبحث عن هويّة الرئيس العتيد بمقدار ما تبحث عن معادلات أخرى يُشكّل إنتخاب الرئيس فيها صفارة الانطلاق في اتجاه الحل.

وهو حلّ لن يكون قابلاً للتنفيذ ما لم يَلحظ سلة متكاملة لا تتجاهل هوية رئيس الحكومة وبرنامج عمله وشكل قانون الإنتخاب الى ما هنالك من تعيينات في المواقع القيادية العسكرية والأمنية، وربما الإدارية، في إطار صفقة شاملة لم يتم التفاهم في شأنها بعد.

ومهما تجاهلت المواقف المعلنة هذه الحقائق الى الآن، فإنّ الكواليس تنضح بما يشير الى حقيقة المواجهة المفتوحة بين الضاحية الجنوبية و«بيت الوسط» ومن خلفهما ما يجري من إستعدادات لمواجهة أكبر بكثير تقودها الرياض وطهران اقتربت من ذروتها على وقع المبادرات الدَولية والإقليمية الخجولة التي لم توفّق بعد في فتح ثغرة متواضعة يمكن أن تؤدّي الى بداية البحث في حلول ومخارج لأيّ من الأزمات التي يخوضها الطرفان بالسلاح والدم في أكثر من ساحة من اليمن والبحرين الى سوريا وصولاً الى العراق من دون تجاهل المواجهة السياسية على الساحة اللبنانية.

ويعترف مراقبون كثر أنّ لعبة الترشيحات التي تطوّعت لها معراب بعد «بيت الوسط» وما بينهما كليمنصو لا تخرج عن إطار المواجهة الإقليمية والدَولية متلبّسة بالبحث عن حلول لقضايا ومشكلات لبنانية داخلية مزمنة مطروحة على أكثر من مستوى.

وهي لم ولن تشكل أيّ مؤشر إلى أنّ التفاهم عليها يؤمّن سمة العبور الى الحلّ المنشود لما فيها من ردات فعل متبادلة تنضح بكيدية سياسية تترجمها المواقف الإنفعالية في إطار البحث عن الأحجام التمثيلية بالإنابة عن هذه القوّة الإقليمية او تلك.

وليس أدلّ على هذه المعادلة، أنّ المرَشَّحين يدركون جيداً أنّ آفاق ما يرغبون في تسميته المبادرة هي مناورة تصطدم بكمٍّ من التعقيدات الإقليمية التي تتحكّم بمواقف بعض القوى. فلكلٌّ منهم عقدته إذ إنّ دعم ترشيح «القوات اللبنانية» للعماد ميشال عون يصطدم برفض سنّي لا سابق له على رغم الحديث عن رضى سعودي لم تظهر أيّ إشارة تؤكّده حتى الساعة.

في وقت يصطدم ترشيح تيار «المستقبل» للنائب سليمان فرنجية بعقدة شيعية كبيرة لا يمكن تجاوزها طالما أنّ «حزب الله» سلّم بمبدأ ترشيح عون الى النهاية التي يُحدّدها عون بنفسه. فيما يُجمع المراقبون على أنّ إحياء النائب وليد جنبلاط لترشيح النائب هنري حلو لا يعدو كونه تأجيلاً لموقف مطلوب منه، ولديه هامش كافٍ لتأجيله الى حين.

فكلّ الوقائع التي تضجّ بها الكواليس السياسية تكشف أنّ القرار النهائي ليس ملكَ أيٍّ من طرفي اللعبة الإنتخابية الداخلية لا المرشِّح ولا المرشَّح بمفردهما. وبمقدار ما في كلّ منها نموذج من غرائب السياسة اللبنانية فهي تَشي بكثير من قواعد لعبة كرة الطاولة من مواجهة عبثية توحي بأنّ على اللبنانيين أن يتوقّعوا في أيّ لحظة إقليميّة متغيّرة تبدلاً وانقلاباً في المواقف كأن يناموا على طرح ليستفيقوا على آخر لا يشبهه البتة.

وبناءً على ما تقدّم، يظهر جلياً أنّ اللبنانيين، والمسيحيين خصوصاً الذين يخوضون غمار الإستحقاق الرئاسي هم أوائل ضحايا المواجهة السعودية – الإيرانية، وعليهم أن يكونوا أكثر واقعية ووعياً لما يُحاك لهم وللبلد، فيعترفوا بما هو ثابت لديهم بأنّ القرار ليس في يدهم ويمتنعوا عن القبول طوعاً بأن تكون رؤوس مرشحيهم وقوداً في هذه المعركة المفتوحة على شتى الإحتمالات.

فلا يجارونها بحروب صغيرة وتافهة جنّدوا لها برامج الـ«توك شو» السياسية والإحصائيات واستطلاعات الرأي الموجّهة، فيما يقودها البعض الآخر على المواقع الإفتراضية التي تضجّ بها وسائل التواصل الإجتماعي بما يندى له الجبين.