«مصائب قوم عند قوم فوائد»، فوفاة والدة رئيس الحكومة أنقذت الحوار من الصدام بين البرتقالي والاخضر، فيما رحلت معركة الحكومة بين المستقبل والتيار الى الجلسة المقبلة، لتنتقل بذلك الانظار الى الخارج حيث سعي لتحريك المياه الراكدة رئاسيا، وعلى صعيد تأمين الدعم للجيش اللبناني، قبل ان تنشغل الساحة الداخلية بزيارات متممة لما يجري خارجا، يفتتحها وزير الخارجية البريطانية، التي إحيطت تفاصيلها بالسرية التامة، وسط التوقعات بان يتناول خلالها تزويد لبنان بمعدات عسكرية لمراقبة الحدود مع سوريا في اطار المساعدات الغربية للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية لمواجهة التحديات ومخاطر الارهاب، على ان يتبعه مسؤولان اميركي وروسي ،في مهمة دفع للجهود المبذولة على خط دعم الاستقرارالامني والسياسي في اطار محاولة حلحلة العقد المتحكمة بالاستحقاق الرئاسي.
عِقد قادت رئيس الحكومة السابق الى موسكو ، حيث اكد استعداد لبنان «للتعاون التسليحي»، مستبقا زيارة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل في 25 و26 و 27 نيسان المقبل للمشاركة في مؤتمر أمني والبحث في المساعدات الروسية للجيش ومصير الجزء المرتبط منها بهبة المليار دولار السعودية، وذلك بعد زيارة الى لندن للمشاركة في مؤتمر الامن العالمي في 12 و13 و14 نيسان، لمتابعة المساعدات العسكرية التي تقدمها بريطانيا للبنان لا سيما منها الخاصة بمراقبة الحدود عبر ابراج مراقبة وغيرها من المعدات.
ومع ربط كتلتا المستقبل والتغيير والاصلاح عملية النزاع حول تصرفات ومواقف وزير الخارجية جبران باسيل من زيارة بان كي مون، واشارة الامم المتحدة سعيها لتوطين عشر اللاجئين السوريين المتواجدين في دول الجوار، كشفت مصادر دبلوماسية غربية ان زيارة الرئيس سعد الحريري الى موسكو التي لم يعلن عنها مسبقاً بدأ التحضير لها قبل نحو أسبوعين، وهي ترتبط اساساً بالاتصالات الأميركية – الروسية، في ضوء زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة إلى موسكو، من أجل وضع خارطة طريق لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، والاتفاق على خارطة طريق لاتصالات تشمل مسؤولي كتل نيابية بارزة، فضلاً عن اتصالات دبلوماسية مع كل من الرياض وطهران والفاتيكان وفرنسا، دون استبعاد المصادر ان يكون التفاهم الروسي – الأميركي تطرق إلى اسم المرشح الذي يمكن ان يحظى بدعم إقليمي دولي.
من جهتها اعتبرت اوساط قيادية في المستقبل ان هذه الزيارة تأتي في الجو الداخلي اللبناني المتأزم وفي ظل الدور الكبير الذي تلعبه روسيا في المنطقة عبر سوريا، ومن ثم العلاقات القوية التي تربط روسيا وإيران ومن خلال إيران مع «حزب الله»، علها تساعد على حلحلة ملف الرئاسة الجمهورية والتوصل إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، مشيرة إلى أن موسكو تلعب دورا كبيرا في المنطقة، وحريصة على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط، مدرجة مساعدتها في انهاء الفراغ في باب مساعدة الوجود المسيحي في لبنان على أداء دوره والإستمرار، متوقعة ان تبرز خلال شهر نيسان مبادرة رئاسية جديدة تكون على وزن مبادرة ترشيح الرئيس سعد الحريري للوزير السابق سليمان فرنجية وترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون، ولكن هذه المرة فإن الاسم المرشح سيكون وسطيا وترشحه جهات سياسية مختلطة.
على هذه الحال فإن كل الأزمات ترتبك بلا حل، باعتبار ان كل الملفات العالقة ليس هناك من مؤشر إلى حلحلتها. فملف انتخابات رئاسة الجمهورية، يبدو انه دخل في غيبوبة داخليا، وملف النفايات في سباق بين تنفيذ ما قرره مجلس الوزراء، وبين الاحتجاجات الميدانية، أما ملف الانترنت غير الشرعي، فيخشى ان يدخل في نفق البازارات والضغوط، فيما بعثت المواجهة بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركات مقدمي الخدمات من جديد، عبر انعاش همة المياومين. فهل سيدفع المواطن اللبناني ثمن هذه المواجهة المرتقبة، كما دفع ثمن المواجهة في ملف النفايات؟ ام ان الترجمة العملية للاتفاق بين موسكو وواشنطن على مستوى المنطقة برمتها قد بدأت؟
انطلاقا من صحة ان الله لا يغير في قوم ما لم يغيروا ما في أنفسهم، فمن المتوقع مرور أكثر من فصح على اللبنانيين، من دون ان يتدخل اله ما لينتخب لهم رئيسا. وللدلالة على صحة ما تقدم، يمكن ان نعود إلى عظة البطريرك الراعي الفصح الماضي، والتي طالب فيها بحرارة بانهاء الشغور الرئاسي.