Site icon IMLebanon

رأب الصدع العوني في جزين

«كيف الوضع بجزين؟»، لسان حال العونيين في المناطق. لا يقتضي الاطمئنان إلى حال أحد أبرز المعاقل البرتقالية الخشية من هزات ارتدادية للانتخابات البلدية الأخيرة التي شهدت مخالفة للقرار العوني، فحسب، بل إن تداعيات صرف عدد من الكوادر قد تصل إلى عروس الشلال، إذا صدقت الشائعات عن خلافات بين نائبها زياد أسود ورئيس التيار الوزير جبران باسيل. لكن «أولاد الحلال» دخلوا على الخط لرأب الصدع في ملعب البلدية، وبين جزين والرابية من جهة، وبينها وبين مليخ من جهة أخرى

الوساطة جارية بين هيئة التيار في جزين وبين آل الحلو لتبديد القطيعة التي سببتها مخالفة إحدى مرجعياتها، غازي الحلو، لقرار الرابية بالتجديد لخليل حرفوش رئيساً لبلدية جزين واتحاد بلدياتها.

أساس الخلاف بدأ من عند رئيس البلدية السابق وليد الحلو الذي رفض تسليم الرئاسة إلى يوسف رحال لثلاث سنوات عام 2013، ما دفع الرابية إلى استبدالهما بحرفوش. آل الحلو انتقموا من الأخير والمحسوبين عليه. أوعزوا إلى مناصريهم بتشطيبهم. مجلس شورى الدولة أنقذ حرفوش، معيداً إياه رئيساً، لكن على مجلس لا يملك كل زمامه. لم تخرج العائلة ذات النفوذ الشعبي والمالي من جلباب التيار. حربها انحصرت بـ»الريس». «لا تعاطي مع آل الحلو حالياً»، يقول منسق التيار في جزين مارون قطار. لكن «سياسة لم الشمل قد تطبق على من يملكون رأياً آخر».

ساد الظن بعد الانتخابات بأن العونيين سيعاقبون من سبّب إحراجهم في عقر دارهم. المهرجانات السنوية كانت الاختبار الأول. يقول قطار: «حرفوش أشرك جميع الأفرقاء باللجان المكلفة تنظيم المهرجانات تحت إشراف البلدية، من بينهم العونيون غير الملتزمين أو الشركاء في البلدية سواء من الحلفاء والقوات اللبنانية ومناصري الوزير إدمون رزق، أو الأعضاء الفائزين من اللائحة المدعومة من إبراهيم سمير عازار». وينقل عن حرفوش حرصه على «إبعاد الحزازيات الشخصية تجاه من شطّبه في العمل البلدي».

الهدوء يخيم على القصر البلدي. ماذا عن البيت المتواضع الواقع بجواره عند مدخل السوق القديم؟ لا هدوء في منزل النائب زياد أسود. عند المدخل الضيق يقف شبان عريضو العضلات من دون سلاح. في الحديقة الصغيرة يتحلق آخرون حول أسود، يشاركونه تدخين النراجيل أو لعبة ورق. بعض مناصري الزعيم الشعبي تأخذهم الشائعات التي تطاول علاقته بباسيل، ولا سيما بعد إعلان أسود صراحة أنه «في صفوف المعارضة داخل التيار». يعطون آذانهم للثرثرات التي تنذر بأن رئيس التيار «لا ينوي ترشيح أسود للانتخابات النيابية المقبلة، وأن بديله بات جاهزاً». يحسمون منذ الآن بأنهم سيدعونه إلى الترشح مستقلاً. يذكّرون بأصوات الـ 203 منتسبين عونيين التي نالها أسود في الانتخابات التمهيدية من أصل 479 ناخباً، كرسته الرقم الصعب والأكثر شعبية (نال أمل أبو زيد 124 صوتاً). ويذكّرون بأنه في انتخابات عام 2009 «عندما كاد الجنرال ميشال عون يتوافق مع الرئيس نبيه بري على دعم ترشيح سمير عازار، زاره عشرات الكوادر والعناصر وسلموه بطاقاتهم، معلنين عزمهم على الاستقالة في حال دعم عازار».

يتزاحم مناصرو أسود على التعبير، فيما هو يلتزم الصمت. «تفسَّر تصريحاتي بغير معناها، وتؤخذ في اتجاه ضد اتجاه آخر» يقول. الأرجح أنه لم يعد بحاجة للكلام بعد أن أوصل رسالة سقفها عالٍ جداً بعيد فرز الأصوات في الانتخابات التمهيدية الأخيرة، معلناً أنه «في صف المعارضة والتيار الوطني الحر ليس تيار رجال الأعمال، بل تيار الفقراء والمناضلين، ومن لم يتخرج من رحم النضال والمعاناة فلا مكان له في حزبنا». تصريحه حينها كان أكثر من فشة خلق ضد باسيل وصديقه زميله الجديد أمل أبو زيد. قبل 48 ساعة من الانتخابات الحزبية العونية، «اكتشف أن زميله لن يلتزم ما اتفقا عليه بالانسحاب من الانتخابات لأنهما فائزان حكماً بالتزكية في المقعدين المارونيين، على أن تحصر المعركة في المقعد الكاثوليكي». تراجع أبو زيد أضافه أسود إلى دلائل عدة يضعها فوق بعضها، صانعاً منها «مؤامرة لإقصائه وإلغاء إنجازاته طوال 15 عاماً مناضلاً في التيار وسبع سنوات نائباً لجزين» تقول أوساطه.

بعد الجدل الذي أثاره تصريحه، قرر أسود أن يهدأ. أصدر بياناً لمناسبة أحداث السابع من آب، حيّا فيه الرفاق المناضلين، ومنهم باسيل، لافتاً إلى أن «تيارنا هو الشعب المناضل ولا يغير في قضيته وأهدافها، مشاركة رجال الأعمال فيه، في أداء الدور داخله فلكل واحد واجباته ومسؤولياته وتاريخه». بدا البيان كمهمة طلبت من أسود. في عرينه، يفعل ما يشاء. نهاية الأسبوع الماضي، لم يلبِّ أسود دعوة أبو زيد إلى حفل عمادة حفيده في منزله في مليخ، فيما حضر حرفوش وقياديون في التيار ونواب كآلان عون وناجي غاريوس.

في المقابل، يسجل على أسود انتقادات بسبب انتقاده لباسيل بدعم المتمولين. «أسود هو من اقترح ترشيح ابن كفرحونة الحاضر الغائب رجل الأعمال النائب عصام صوايا ضمن لائحة التيار لانتخابات 2009 لحاجتنا لمن يملك المال» تقول مصادر مواكبة. المصادر رجحت أن السبب الحقيقي لخلاف أسود ــــ باسيل المفترض، التنافس على اختيار المرشح للمقعد الكاثوليكي. الاختبار قريب في تشرين الأول المقبل، موعد استطلاع الرأي الذي ستجريه القيادة الحزبية في الأقضية، في إطار المرحلة الثانية من الانتخابات التمهيدية الرامية إلى اختيار مرشحي التيار إلى الانتخابات النيابية.