حاصباني مع حظر تجوّل وخليفة ضد تعرفة الفحص وجبق: فات الأوان… وحسن ليس طبيباً
بعد استفاقة الحكومة المتأخرة…
استفاقة سياسية متأخرة بعد خطوات رسمية وطبية خجولة لمواجهة وباء “كورونا”، والسباق على اشده بين الحدّ من انتشاره ومحاصرته، بعدما سجل عدّاد المصابين بالفيروس ارتفاعاً في الساعات الاخيرة، وفتك بروح لبنانية جديدة ليستقر عدد ضحاياه إلى ضحيتين حتى اليوم.
مطالبات عدة ارتفعت بضرورة اعلان حالة طوارئ طبية، وانتقادات كثيرة سجلت لأداء الحكومة عموماً ووزير الصحة حمد الحسن خصوصاً في مقاربة هذا الملف وسبل المواجهة.
ولهذا الغرض، تحدثت “نداء الوطن” مع وزراء صحة سابقين في الحكومات المتعاقبة لنقل تجربتهم والحديث عن اجراءاتهم المتخذة فيما لو كانوا اليوم في مركز القرار.
جبق: أخطاء كثيرة
الوزير السابق جميل جبق اكد “وجوب اتخاذ الاجراءت في بداية الازمة، لأنها اليوم لا تفيد بشيء بعدما انتشر الوباء في البلد”. وقال: “كان يفترض ان نعقد اجتماعاً في 22 كانون الثاني مع فريق طبي يضم الطبيبين جاك مخباط وعبد الرحمن البزري والمعنيين، الا انه لم يعقد لأن الحكومة تشكلت ليل 21 كانون الأول ووضعنا خطتين في حينه، لحماية البلد”.
واوضح أن “الخطة (أ) تقوم على تجهيز مكان لحجر المصابين واجراء تشخيص سريع. وتقتضي بعدم ادخال اي مريض الى مستشفى بيروت الحكومي الا المصاب بـ”كورونا” أو الذي يستدعي وضعه الحجر الصحي. لكنها اجراءات لا تكفي فعل شيء على صعيد الوطن”. أضاف: “اما الاجراءات الخارجية فقضت باقفال المعابر، لا سيما مع الدول الموبوءة بغض النظر من اي دولة يأتون، اي عند بدء الازمة كانت دول عدة معروف انها أصيبت بالوباء وكان يفترض اقله وقف رحلات الطيران معها واقفال حدودنا البرية والسماح بدخول اللبنانيين فقط المحاصرين في الخارج شرط اخضاعهم للحجر الصحي لدى عودتهم. كذلك كان يفترض انتشار كوادر طبية على الحدود البرية والبحرية والمطار وتجهيزها بمعدات التشخيص، لفحص الوافدين الى لبنان، وادرك ضآلة امكانات وزارة الصحة وافتقارها الى العدد الكافي من الموظفين، والقضية كانت تُحلّ في مجلس الوزراء وتقضي باستئجار خدمات نحو 200 طبيب و400 شخص وتوزيعهم مع سياراتهم على المطار والمرفأ والحدود البرية للحؤول دون دخول كل من يمكن نقل العدوى”.
ويلفت إلى أن “الأمر الآخر الذي كان يجب تنفيذه هو اقفال المدارس والجامعات والمقاهي وأماكن التجمع بما فيها دور العبادة والجوامع والحسينيات والكنائس ومنع التجمعات تحت طائلة المسؤولية”.
أما الخطة (ب) “فكانت تقضي بفرض حظر اختلاط عام نهائي اذا بدأ تفشّي الوباء، وتعقيم المناطق يومياً، وترشّ البلديات المعقمات جواً وعلى الطرق لتقليل فرص العدوى قدر الامكان، وعدم السماح لأي شخص مشكوك باصابته بالعودة الى المنزل”.
ويلفت إلى أن “أخطاء عدة وقعت، احدها حصر اجراء كل الفحوصات بمستشفى بيروت الحكومي، ولم يكن هناك مجال لاجراء حالات تشخيص في مستشفى آخر، إلى أن تقرر أخيراً التشخيص في مستشفيات جامعية أخرى، وكان يجب أن يحصل هذا الامر في البداية، فعندما نجمع كل المرضى في مستشفى بيروت الحكومي، يُجري غير المصاب والمصاب فحصاً في المكان نفسه، وينتظر أحياناً ساعات ليتمكن من إجرائه، ما يشكل عبئاً كبيراً على المواطنين، وبالتالي كان هناك احتمال انتقال العدوى الى غير المصاب”.
ويعتبر أن “هذه الاجراءات كان يفترض اتخاذها عند بداية الازمة وبدأوا بها اليوم، لكن بعد فوات الاوان. فعدد الاصابات تجاوز الـ 60 وعدد التشخيص الى ارتفاع والازمة تتفاقم ولا نزال عملياً في الاجراءات ولم نفعل شيئاً على الارض لكي نقوم بحجر او منع التجول في الشوارع”.
واكد جبق ان “وزير الصحة الحالي غير مذنب، أولاً لأنه ليس طبيباً لكي يكون ملماً بالموضوع، وثانياً: امكانات الوزارة ضئيلة، والكوادرغير كافية”. وعن قرار وقف الرحلات من ايران رأى جبق أن حسن “ليس مذنباً لأن القصة “مش بإيدو”، بل القرار في ذلك يكون عبر مجلس الوزراء مجتمعاً، وليس الوزير بمفرده”.
خليفة: قرارات استباقية
بدوره، قال الوزير السابق محمد جواد خليفة: “كنت اتخذت قرارات لوجستية بطريقة استباقية اكثر، ليس كوني وزير صحة سابق بل لاني مررت بهذه المرحلة وبحكم اختصاصي وخبرتي كنت تصرفت بنحو آخر. وكي نتخذ قرارات يجب الاستناد الى معلومات، في الازمة الراهنة، كان لدينا نموذج جاهز اتبعته الولايات المتحدة الاميركية ودول اخرى، وهو قاعدة البيانات التي صدرت من الصين واظهرت كيفية انتشار الفيروس، حدة المرض، وسرعة انتشاره وسبل التعاطي معه، وهي قاعدة واضحة استدعت الوصول الى مرحلة العزل. وكنت اقمت من البداية مراكز تشخيص في الأقضية وهو أمر غير مكلف، حيث أن سعر الجهاز يتراوح بين 25 و50 الف دولار، ووضعت من اليوم الاول جهازاً في كل مستشفى حكومي ومنعت خضوع المرضى للاختبار في المستشفى، بل استعنت بمتطوعين والهيئات الشعبية لسحب عينة من المريض في المنزل لفحصها في المستشفى ويتقرر في ضوء نتيجتها احضاره الى المستشفى أم لا”.
واضاف: “كلما اجرينا اختبارات اكثر في مراكز متعددة، كلما سيظهر حجم المشكلة، فبمجرد فتح باب الاختبارات في الجامعة الاميركية واوتيل ديو وسيدة المعونات وغيرها تبين كم أن العدد تضاعف”. وتابع: “الخطوة التي لم اكن لاقوم بها هي ان يطلب من المواطنين دفع 150 الف ليرة لاجراء الاختبار، هذه قضية صحة وطنية عامة ولا يجب وجود عائق مادي بين المشكوك باصابته وتشخيصه، هذا خطأ مميت ومخالف لقوانين الصحة العامة، وسيدفع آخرين الى التردد باجراء الاختبار”.
وكشف خليفة انه أجرى سلسلة اتصالات مع عدد من المسؤولين، يطلب عقد اجتماعات جدية واتخاذ قرارات تمنع الاختلاط الى اقصى حدّ، من دون تعطيل الحياة العامة في البلد. ورأى “ضرورة تخفيف الطبابة الاختيارية في المستشفيات العادية، واقتصار المعالجات على الحالات الطارئة والمستعجلة، خصوصاً بعدما طلبت مستشفيات من ممرضين الحجر المنزلي، فالتمادي في هذا الامر سيؤدي الى ارسال عدد اكبر منهم والنتيجة تخفيف عدد ما نحتاج اليه”.
وقال: “بطبيعة الحال، لكل استراتيجيته، وما يقومون به اليوم صحيح لكن المشكلة في التوقيت وتواصل الافكار، ويجب ان نكون في حركة استباقية اكثر ثم ان على اللجان التمييز بين اختصاصين اثنين: (كيف نعالج المرض؟) وبين المسؤول (كيف يأخذ القرار؟) وهما امران غير مرتبطين”. وشدد على “وجوب وقف الرحلات مع الدول التي لا تسمح للبنانيين بالدخول والخروج، وفرض الحظر على الدخول والخروج من المخيمات، كونها تضم تجمعات سكنية كبيرة في ظروف بيئية صعبة، لكي لا يلتقط ساكن المخيم العدوى خارجه فينقلها الى اهالي المخيم فتنتقل بدورها الى اكبر عدد فتصعب المعالجة، لذا وجبت الحدة في الاجراءات الاستباقية”.
واكد خليفة: “لكنت اوقفت حركة الطيران من اي منطقة بدأ فيها انتشار الوباء، فالحديث عن اقفال المطار بدأ اليوم، وقد تأخرنا، بعدما رأينا تجارب دول عدة امامنا وبقينا نتفرج”. وقال: “كنت اخذت قرارات استباقية لاني ادرك امكاناتنا. فلا اطباء اخصائيين في الوزارة للتحرك على الارض ولا سيارات اسعاف لوزارة الصحة تذهب الى البيوت وتعاين المرضى وتحضر الاختبارات الى المستشفى”.
وقال: “تحدثت بداية مع اشخاص مسؤولين وفي مركز القرار وقلت لهم: صحيح يجب ان لا نخاف لكن يجب ان نخبر الناس انه ستكون لدينا اعداد كبيرة من الاصابات بعد 15 يوماً ونشرح الخيارات امامنا لان البنية الصحية ضعيفة واقتصادنا مدمر ووضع المستشفيات الحكومية معروف. فعندما عقدت مؤتمراً صحافياً مع ظهور فيروس H1N1 قلت للبنانيين لا اصابات عندنا لكن عليكم ان تكونوا جاهزين الاسبوع المقبل لان العدد سيزيد وسنصل الى القمة في شباط، وفي آذار سنتراجع لاننا كنا ندرك انها انفلونزا موسمية. لا شيء اسمه هلع هناك شيء اسمه واقع”.
حاصباني: حالة طوارئ صحية
وعدّد الوزير السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” الاجراءات التي كان اتبعها وفق التالي:
إيقاف الطيران من البلدان الأكثر تأثراً وإجلاء فوري للبنانيين فيها برحلات خاصة، اقفال أماكن التجمعات العامة المكتظة، فتح مراكز فحص وحجر صحيً للمصابين في المناطق منها المستشفيات الخاصة، تكثيف التوعية على النظافة والحجر الطوعي في المنازل، اقفال المجمعات التجارية والمطاعم والمقاهي، اعلان حالة طوارئ صحية والتحضير لحظر التجول، التوجيه بتعقيم أبنية المؤسسات العامة قبل اعادة فتحها من قبل السلطات المعنية، إطلاق موقع تحديث للمعلومات يومي تابع لوزارة الصحة، اقفال كافة المعابر البرية للوافدين الى لبنان، إطلاق تطبيق إلكتروني على الهواتف النقالة للتبليغ عن الحالات المشتبهة ووضع خارطة جغرافية للمخاطر، تأمين منصة للاستشارات الطبية عن بعد.