لهذه الاسباب الموجبة والواقعية يمكن الانطلاق بواسطتها للكشف عن حقيقة معاناة اهالى كسروان وجبيل على الصعيد الصحي قياساً على باقي المناطق اللبنانية، فهنا في ها تين المنطقتين ان لم تكن تحمل التأمين الخاص بك للدخول الى المستشفى مع اولادك فانك حتماً سوف يكون سريرك في احسن الحالات في رواق طوارئ المستشفيات الخاصة والتي لكل منها اسبابها الخاصة بها والتي لدى سماعك لاصحابها او مدرائها يتحكم بك كرم العطاء لهم بعد ان يكسروا اياديهم لاسباب واسباب لا يمكن تفسيرها سوى في صالوناتهم الضيقة، فيما اصوات اوجاع الناس في منازلهم لا يسمعها احد وان تسنى له السماح «فالتطنيش» اصبح عادة مستحكمة ليست عندهم فقط انما لدى نواب المنطقة.
في التفاصيل الموجعة للواقع الصحي في كسروان وجبيل يمكن تسجيل عشرات النقاط من حيث الشكل والمضمون ولكن مع التهرب من المسؤوليات في منطقة يتعارف ويشهد لها اللبنانيون انها تمثل قلب الموارنة، وللاحاطة اكثر بهذه المعاناة الطويلة يكفي ذكر التالي:
اولاً: لا يوجد في المنطقتين اي مستشفى حكومي عليه القدر والقيمة ويمكن الاستعانة به فمستشفى البوار الحكومي الذي تم تدشينه منذ سنوات الصالح فيه فقط حديقته الخارجية بعد ان تحول الى مستشفى للنازحين السوريين بنسبة تسعين بالماية واهل بنغلادش وسريلنكا واثيوبيا ذلك ان هذا المفترض ان يشكل صرحاً صحياً يمكن تطويره مع الوقت تحول في الوقت الحالي الى مبنى كبير شبه صامت فالطاقم الطبي الذي يعمل فيه وحسب المرضى اللبنانيين وشهاداتهم لا يعطي الاهمية نفسها كما في المستشفيات الخاصة حيث المساءلة موجودة، واذا اردت ان تسأل عن مريض متواجد فيه فواجب الصراخ عليك بفعل عدم وجود من تسأله، واذا اتصلت بالهاتف من النوادر ان يجيبوا على الاتصال، كل هذا في جانب وغرف المرضى في جانب آخر حيث تعوم الحمامات داخل الغرف بالمياه والشوفاج معطل، والتلفزيون مقطوعة اسلاكه اما الخدمة الطبية وهي الاهم يجب على وزارة الصحة ان تسأل فوراً مع الوزير الجديد النشيط وعليه ايضاً زيارة المستشفى بشكل عاجل قبل ان تلفها العتمة بفعل خراب اربعة مولدات كهرباء عائدة للمستشفى وواحد يعمل فقط، والشكاوى كثيرة ليس من ادارتها العاجزة عن الاصلاح ما دام نواب المنطقة يحاربون بعضهم باوجاع الناس وبدل ان يشكلوا وفداً من النواب الثمانية والتوجه الى الوزير لحل مشاكله يبدو ان المستشفى سيذهب ضحية الصراعات السياسية وبالكاد باستطاعته الصمود لاكثر من سنة قبل ان ينهار، ولكن السؤال الاساسي: كيف يعمل مستشفى تنورين الحكومي بادارة الدكتور وليد حرب وبصورة مماثلة للمستشفيات الخاصة بل اكثر واصبح مقصداً للمرضى من كل المناطق مع انه بعيد نسبياً، واين مركز قرطبا الصحي الذي تم افتتاحه في نفس اليوم مع تنورين، ولماذا قرطبا محرومة من خدماته وهو بالكاد لا يوازي عمل مستوصف ولم يبق منه سوى البناء القرميدي الخارجي.
يبدو ان المستشفيات الخاصة في المنطقة ستسيطر بنسبة 99 بالماية على استقطاب المرضى حتى ان احدى المستشفيات كانت بالامس تستقبل احد عشر مريضاً في قسم الطوارئ لعدم توفر الاسرة داخل الغرف، والخوف الاكبر لدى الناس هو عند الفئة غير المضمونة والتي تخاف ان تدخل مستشفى البوار حسب اعترافات المرضى!! فالمسؤولية عن هؤلاء الناس تقع بالدرجة الاولى على عاتق الدولة، انما الدولة لامر تعزيز المستشفى الوحيد والذي يضم فقط عشرين سريراً لمنطقة يتواجد فيها مئات الاف الناس حوالى الربع منهم بحاجة الى عناية صحية، وايضاً اين نواب بلاد جبيل من المطالبة ببناء مستشفى حكومي او حتى مجرد رفع المركز الصحي في قرطبا باعالي جبيل لتسيير تقطيب بعض الجراح فيما السياسة تقتل اوهام الناس بصحة اطفالهم على خلفية الوعود التي تم اطلاقها قبيل كل انتخابات..وما هي العوائق التي تعترض المطالبة بانشاء مستشفى في وسط جبيل كي يصل المرضى اليه مع العلم ان هؤلاء وبنسبة ثمانين في المئة يقصدون مستشفى تنورين وكيف نجح المستشفى هناك ليصبح قبلة المرضى ولم ينهض من بين الانقاض مركز قرطبا الصحي الذي لا يعرف احد من المرضى مدى فعاليته!!
ويقولون ان المريض لا يستطيع ان يصل الى مستشفيات بيروت ان استطاع مادياً فكيف له الوصول الى مستشفيات بيروت والطرقات مزدحمة ليل نهار، فهل يموت المريض على الطرقات والاوتوستراد المظلم لا احد يرى انواره (وهذا حديث اخر في الحلقة الثانية)، اما كيف السبيل لمعالجة الوضع الصحي في هاتين المنطقتين فهو في اعناق المسؤولين والنواب الذين انتخبهم الناس وفرشوا لهم السجاد الاحمر والورود وما ان انتهت الاستحقاقات حتى ذبلت الورود وبقي السجاد لاصحاب الصالونات المخملية، الواقع ينبئ بكارثة صحية قريبة ومن يرى الناس ويعاين المستشفيات ويسمع انين المرضى عليه ان يتحرك الان وليس في العام 2022؟!