عادت المواجهة بين المصارف اللبنانية من جهة وحزب الله الى الواجهة بعد الهجوم الذي شنّته كتلة الوفاء للمقاومة امس على البنك المركزي، وعلى بعض المصارف. كما اشارت المعلومات الى ان الحزب ينظر الى بعض المصارف على أساس انها “حصان طروادة أميركي”.
شنّت كتلة الوفاء للمقاومة هجوما على حاكم مصرف لبنان، واعتبرت في بيان بعد اجتماعها الدوري أمس، “ان سياسة الابتزاز والضغوط المتعددة التي تعتمدها الادارات الاميركية مع دول وقوى مختلفة تلتزم مواقف مناوئة لسياساتها، لن تنجح إطلاقاً في لي ذراع حزب الله وتغيير مواقفه الرافضة للاستبداد والظلم اللذين تمارسهما الادارات الاميركية”.
وقالت: اذا كانت الادارة الاميركية الراهنة لا توفر فرصة للنيل من المقاومة وجمهورها، وقد وجدت في بعض القطاع المصرفي اللبناني ضالتها من أجل تحقيق سياساتها، فإن استهدافها الجديد لهما عبر هذا القطاع سيبوء بالفشل ولن ينجح في تحقيق أهدافه”.
وشددت الكتلة على “ان الحكومة والمصرف المركزي معنيان مباشرةً بحماية سيادة لبنان واستقراره النقدي والاجتماعي”، ورأت في هذا المجال “ان الموقف الأخير لحاكم المصرف المركزي جاء ملتبساً ومريباً وهو يشي بتفلت السياسة النقدية من ضوابط السيادة الوطنية، ولذلك فإننا نرفضه جملةً وتفصيلاً. وعلى الجميع أن يدرك أن جمهور المقاومة ومؤسساته التربوية والصحية عصيّ على محاولات النيل منه من أي كان مهما علا شأنه”
موقف «حزب الله»
في سياق متصل، قالت مصادر مطلعة على مواقف حزب الله لـ«الجمهورية»، ان الانتقادات الذي يوجهها الحزب الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انما تنطلق من كون الأخير لم يبادر الى معالجة ملف الحسابات المصرفية الخاصة بمؤسسات تربوية واجتماعية واستشفائية تابعة للحزب، ومنها على سبيل المثال، ملف حساب مستشفى الرسول الاعظم. وقد فشلت المفاوضات معه حول هذا الموضوع.
وفي المقابل، تضيف المصادر، ان سلامة لا يمارس الضغوطات المطلوبة على بعض اعضاء جمعية المصارف الذين يمارسون دور حصان طروادة اميركي في القطاع المصرفي اللبناني. وتؤكد المصادر انها ستضطر الى كشف اسماء هذه المصارف وكشف دورهم المشبوه.
تختم المصادر بالتأكيد ان حزب الله لن يسمح بمحاولة لوي ذراعه من خلال الضغط عليه عبر القطاع المصرفي اللبناني، او عبر اية صيغة ضغط أخرى.
اجراءات
تردّدت معلومات امس أن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان أصدرت أولى قراراتها وفق “الاعلام” الذي ينظم عملية اقفال الحسابات المصرفية استنادا الى القانون الاميركي. وقد رفضت طلب أحد المصارف إقفال حسابات “جمعية المبرات الخيرية”، كما رفضت طلبا مماثلا ينطبق على رواتب نواب “حزب الله” واوصت بعدم تجميد حسابات التوطين الخاصة بهم، لعدم وجود مبررات واضحة وصريحة.
وبما ان المصارف تحوّل فقط طلبات إقفال حسابات المؤسسات والكيانات غير المدرجة في لوائح “أوفاك” الى هيئة التحقيق، كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لقناة CNBC، عن إقفال 100 حساب مرتبط بـ”حزب الله”، تطبيقاً للقانون الأميركي.
وقال: “أولويتنا إبقاء لبنان على الخارطة المالية الدولية، ولذلك اتخذنا قراراً بأن ننفذ القانون الأميركي في لبنان، وأرسينا البنية اللازمة للقيام بذلك، لتحقيق أهداف هذا القانون، وفي الوقت نفسه ضمان حقوق الشيعة في الولوج إلى المصارف.
أضاف: كلما حسّنا سمعتنا، نحصل على المزيد من الأموال. ونحن لا نريد أموالاً غير مشروعة في نظامنا، كما لا نريد لعدد قليل من اللبنانيين أن يُفسد صورة البلاد أو الأسواق المالية في لبنان.
توضيح قانوني
اعتبر المرجع القانوني د. بول مرقص ان المصارف اللبنانية أصبحت بين مطرقة القانون الاميركي وسندان القانون اللبناني الذي يلزمه الامتثال لقرارات هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان غير القابلة للمراجعة.
واكد لـ”الجمهورية” انه لا يمكن للمصارف مخالفة قرارات هيئة التحقيق، كما لا يمكنها الامتثال للمتطلبات الاميركية غير المباشرة اذا لم تحصل على الغطاء القانوني في لبنان. وبالتالي، تعاني المصارف مأزق عدم الامتثال لقرارات الهيئة من جهة، وترزح تحت وطأة العقوبات الاميركية من جهة اخرى.
واشار الى ان المصرف الذي يمتنع عن الامتثال لقرارات الهيئة، تتم إحالته الى الهيئة المصرفية العليا التي تتخذ عقوبات في حق المصرف، تتراوح بين التنبيه وصولا الى الشطب عن لائحة المصارف.
وقال ان مصرف لبنان بموجب التعميم الصادر عنه مؤخرا، وضع على عاتق المصارف مسؤولية التصرّف في الحسابات التي طلب إقفالها ولم يأته جواب في شأنها من قبل هيئة التحقيق الخاصة في غضون 30 يوماً.
أما في حال أتى جواب هيئة التحقيق بعدم إقفال الحسابات المشكوك في أمرها من قبل المصرف المعنيّ، شرح مرقص ان على المصرف الالتزام بقرارت الهيئة، لكنّه في الوقت نفسه يتحمّل العواقب والعقوبات في حال كان رأي الخزانة الاميركية مخالفاً لرأي هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، وفي حال اعتبرت الاخيرة ان تلك الحسابات مرتبطة فعلاً بحزب الله.
ففي هذه الحالة، يكون المصرف المعنيّ المسؤول الوحيد ويتحمّل منفرداً العقوبات ابرزها ادراج اسمه على لوائح العقوبات “اوفاك”، مما يعني وقف تعامل المصارف المراسلة معه وعزله عن النظام المالي العالمي.
وكشف مرقص ان أعضاء من الكونغرس الاميركي يمارسون الضغوطات على الخزانة الاميركية والخارجية الاميركية ويطالبون باتخاذ اجراءات جذرية نتيجة بدء تطبيق القانون الاميركي، في حق بعض المصارف اللبنانية، قد تصل الى حد إدراجها على لوائح “اوفاك”.
إلا انه لفت الى ان الوزارتين الاميركيتين وتحديداً الخزانة، قد تتفادى هذا النوع من الاجراءات لأنها تدري أن إدراج اسم أي مصرف على اللوائح، كفيل بعزله عن النظام المالي العالمي، وبالتالي قد تكتفي بارسال كتب الى بعض المصارف التي ما زالت تمتلك حسابات مصرفية ذات ارتباط.