IMLebanon

ساعدوا أنفسكم أوّلا  

 

أن يضرب الرئيس ميشال عون الطاولة بيده تعبيراً عن اعتراضه الشديد على التباطؤ في حل أزمة الكهرباء، فإنما يعبّر عن معاناة اللبنانيين جميعاً الذين يعانون كثيراً جرّاء انقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات الليل والنهار بعد سبع عشرة سنة على انتهاء الحرب…

 

وليت الأمر يقتصر على العجز في حل هذه الأزمة وحسب، إذ إنه يتجاوز ذلك الى الخسائر الكبيرة التي تتكبّدها خزانة الدولة في قطاع الكهرباء والبالغة مليارين من الدولارات سنوياً، وهو رقم ضخم جداً مقداره (منذ العام 1991 حتى اليوم) 34 مليار دولار في بلدٍ يعاني أزمة اقتصادية خانقة تطاول الأفراد والمؤسسات والصناعة والتجارة، وكذلك السياحة، وسائر المرافق… كما تعاني موازنته عجزاً كبيراً، في وقت تتراكم المشاريع الإنمائية التي تحتاج الى تنفيذ من دون أن تتوافر لها الأموال.

ومع ذلك يغرق أهل السياسة في جدال عقيم حول أيها الأفضل البواخر أو المصانع أو استجرار التيار من سوريا الخ…؟ أمّا المواطن فهو يدفع من »اللحم الحيّ« بدل الاشتراك الرسمي، وبدل الاشتراك مع المولّدات، وما أدراك ما هي مافيا المولّدات، وقد تناولناها هنا، غير مرة، في غير مقال افتتاحي.

وما يهم المواطن ليس أن يغرق في جدالات لا تُسمن ولا… تضيء عتمة! يهمّه أن يحصل على حقه (أجل حقه الصريح) في التيار الكهربائي أربعاً وعشرين ساعة في اليوم، وأن تتقلص فاتورته التي تزيد من أعباء تكاليف الحياة عليه.

وبالتالي فقد سئم المواطن هذه الجدالات، وسئم بالذات المزايدات المكشوفة التي يلجأ إليها النائب سامي الجميّل وأمثاله بإلقاء الاتهامات جزافاً… خصوصاً أنه عندما دُعي رئيس «الكتائب» لتسجيل اتهاماته أمام القضاء تخلّف عن الحضور لأنه لا يملك أي سند يُعتد به لتأكيد اتهاماته.

إلاّ أنّ اللافت اننا إذ نستعد لمؤتمر دعم الجيش والقوى الأمنية في إيطاليا نحو منتصف شهر آذار المقبل، ولمؤتمر «سيدر 1» أو «باريس 4» بترتيب من الرئيس الفرنسي ماكرون، نجد العالم يطالبنا بتخفيض النفقات في الميزانية العامة وفي مقدمها الملياران من الدولارات التي هي خسارة الكهرباء سنوياً… وهذا وضع غير طبيعي يسجّله علينا المانحون والداعمون، وكأنّ لسان حالهم يقول لنا: ساعدوا أنفسكم قبل أن تلجأوا إلينا طالبين الدعم والمساعدة.

وهذا الوضع غير الطبيعي يجب ألاّ يستمر في أي حال، لذلك نرانا نؤيّد موقفي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري بإصرارهما أمس وقبله وباستمرار على ضرورة تسهيل الحلول لأزمة الكهرباء… فالمصلحة الوطنية العليا أهم بكثير من الحزازات والعرقلة التي يلجأ إليها البعض.

عوني الكعكي