IMLebanon

قمة هلسنكي: أحلام وكوابيس

 

قمة هلسنكي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين خطوة في مسار أكثر مما هي غرفة قرار. ومن الوهم، بأي مقياس، تصورها يالطا جديدة. فلا ترامب هو روزفلت أو تشرشل. ولا بوتين هو ستالين. ولا عالم اليوم المعقد بالصراعات والقوى الدولية والاقليمية والقوى غير الدولتية على غرار داعش والقاعدة هو عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية التي كان قطعة عجين يسهل تقطيعها وتقاسمها بين القادة المنتصرين على الفاشية والنازية والنزعة العسكرية اليابانية. لكن ما سبق القمة في لبنان والمنطقة هو كالعادة مبالغات ورهانات كبيرة. وما سبقها في أميركا وأوروبا هو تحذيرات ومخاوف من ان تكون خطا فاصلا في تراجع ترامب عن القيادة الكونية لأميركا كما تقول سوزان رايس مستشارة الأمن القومي للرئيس السابق باراك أوباما في مقال نشرته النيويورك تايمس.

في لبنان والمنطقة رهانات على حلّ مشاكلنا: فريق يراهن على إكمال الصفقة التي يتم تنفيذها في الجنوب السوري بانسحاب القوات الأميركية في شرق الفرات ومنطقة التنف والتسليم بكل شيء لبوتين المنتصر ومعه النظام وايران وحزب الله مع ملحق في لبنان. وفريق يراهن على التزام روسيا اخراج ايران وحلفائها من سوريا والمساهمة مع أميركا في كبح النفوذ الايراني في لبنان والمنطقة.

 

وفي أميركا وأوروبا تحذيرات من مخاطر اللقاء بين رئيس يرفض تحضيره للقمة ويأتي من معركة مع حلفاء أميركا وشركائها في الحلف الأطلسي معتبرا ان الاتحاد الأوروبي خصم، ورئيس صاحب خبرة، مدرَّب كضابط استخبارات ويدرس ملفاته جيدا ويقاتل مباشرة لدعم حلفائه. أما المخاوف، وهي كثيرة، فان بعضها ان يقرر ترامب سحب قوات أميركية من أوروبا والتوقف عن المشاركة في التمارين العسكرية الكبيرة للحلف الأطلسي. وبعضها الآخر ان يعترف ترامب بضم روسيا للقرم وينهي العقوبات المفروضة عليها بعد غزوها لأوكرانيا مقابل وعد روسي غامض بتقليص النفوذ الايراني في سوريا والمنطقة حسب رايس. وهي ترى ان الرابحين هم بوتين الذي يفوق ترامب الساذج دهاء، واسرائيل ودول عربية تثبت انها تلعب بهذه الادارة مثل كمان.

ومن الطبيعي ألاّ يكشف الرئيسان في المؤتمر الصحافي كل ما دار في القمة. لكن أي تفاهم سرّي مرشح للانكشاف لأن تطبيقه سيتم على الأرض. فلا ترامب يستطيع ان يتجاوز الكونغرس والرأي العام ومواقف الشركاء الأوروبيين عبر الاعتراف بضم روسيا للقرم. ولا بوتين يريد ويستطيع التخلّي عن شريك اقليمي تجاري واقتصادي، وعسكري وأمني في سوريا وافغانستان وآسيا الوسطى والقوقاز مثل ايران. وليس هذا كل ما يهمّ قوتين كبيرتين مثل أميركا وروسيا.