قطع أنفاس وشدّ حبال حتى اللحظة الأخيرة. ميشال عون «يرخي» ونبيه برّي «يشدّ». سعد الحريري «يهتدي»، ووليد جنبلاط «يكزدر» في فضاء «تويتر» الافتراضي. «حزب الله» على ثباته، وسمير جعجع يربح «اللوتو». كل ذلك، وهنري حلو ينتظر!
المرشّح الجنبلاطي لرئاسة الجمهورية منذ نيسان 2014، يكفيه فخراً أنه انضم الى نادي المرشحين، ولم ينتسب الى نادي الرؤساء. لم يسأل أحد «وليد بيك» في الأيام الماضية إذا كان لا يزال يحمل «ورقة» صديقه الأحبّ الى قلبه في رحلات «الكزدرة» الى الخارج، أو أمام زواره، سواء في المختارة أو كليمنصو.
أمس، أعاد جنبلاط نبش اسم هنري حلو وترشيحه «لأننا لسنا قطيع غنم». الاسم هو بطاقة تذكير واحتجاج، فقط لأنه استثُني من الصفقة وليس لأنه ضدها. يدرك الرجل «مواجع» الاصطدام بالثنائي الماروني الذي يمسك بأغلبية أصوات الناخبين المسيحيين في الشوف وما يمكن أن يؤدي إليه أي تحالف مسيحي أولا وأي تحالف افتراضي مسيحي سني ثانيا في الشوف أيضا.
منذ اللحظة الأولى لإعلان ترشيح «رجل الحوار والاعتدال» من كليمنصو، كما وصفه «البيك»، لم يعلن جنبلاط رأيا معاكسا. هو الذي لم يعوّل يوما على نظرية «الموارنة الأقوياء» لرئاسة أفضل، ولو أنه بات مستعدا لتقبلها مع «بيرييه» حاليا.
أما حلو نفسه فيقول لـ«السفير» «ترشيحي قائم ومستمرّ من جانب «اللقاء الديموقراطي» ووليد جنبلاط. وإذا حصل اتفاق من جانب كل القوى السياسية نسير به، لأن مصلحة البلد أهمّ من مصلحة الأشخاص».
حفيد ميشال شيحا، أحد بناة الكيان اللبناني وعرّاب الدستور، يتجاهل إعطاء رأيه الكامل بمفهوم «السلل» و«الميثاقية» و«شرعية» انعقاد مجلس النواب ودخول الحكومة الحالية كتاب «غينيس» بوصفها الأطول عمرا في ظل غياب شغور منصب رئاسة الجمهورية منذ ليل الخامس والعشرين من أيار 2014 حتى الآن.
قبل أسابيع قليلة، أطلق هنري حلو من بكركي موقفا «غانديا» بامتياز يتبنّى فيه مبادرة سعد الحريري «فما يهمّنا هو كسر الجمود، وحراك الحريري جدّي ويدخل ضمن هذا المسار»، داعيا «النواب للنزول الى البرلمان وانتخاب رئيس جديد للمحافظة على لبننة الاستحقاق لأن الجهود اليوم داخلية لبنانية مئة في المئة».
أما بالنسبة لموقفه من «سلّة الرئاسة» فيقول «أنا مع مفهوم الحوار، وما دامت طاولة الحوار مستمرة فهذه «شغلة مهمّة» لأنها «تطلّعنا» من الأزمة وجو الاحتقان ولا تنسوا أن الناس تعبانة واهتماماتها مختلفة في ظل تردي الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي».
طوال أكثر من سنتين ونصف سنة، سَكَن التفاؤل نائب عاليه أكثر من «استيطان» هذه «البضاعة» في الرابية. عوّل دوماً على أن يكون «النسخة الصافية» لتوافق مطبوخ برضى اللاعبين المحليين وبمباركة إقليمية ودولية، لعله يكون «فلتة شوط» على طريقة ميشال سليمان أو من انتخبوا بإرادة خارجية بالدرجة الأولى.
يعترف بأنه لا يملك «الإمرة» النيابية على نائب واحد إلا على نفسه، لكن خلف ظهره وقفت «كتلة» رشّحته في لحظة «نكد» جنبلاطي. الهدف الجنبلاطي هو الخروج من إحراج ترشيحي سمير جعجع وميشال عون، فكان هنري حلو هو المخرج.
روّج الزعيم الدرزي لـ «حيثية هنري حلو المسيحية» المستمدة من تاريخه في العمل السياسي والقطاع الخاص، وتاريخ والده بيار حلو وجدّه ميشال شيحا. والأهمّ «نزاهة وشفافية» يفاخر بتوافرهما بمرشّح يليق بقصر بعبدا.
سيعني الكثير لهنري حلو، ربما، أن يتذكّر الحريري يوما ما بأن نائب عاليه تمرّد على قرار «البيك» مع ثلاثة من نواب «اللقاء الديموقراطي» في كانون الثاني من العام 2011، حين سمّى الحريري في استشارات التكليف بدلا من نجيب ميقاتي، خيار المختارة آنذاك في زمن «القمصان السود».
كما غيره من المرشحين للرئاسة، عاش هنري حلو الكثير من «الطلعات والنزلات». «انتعاش» بعد دعوة الحريري «حزب الله» لتخطّي حاجز القادة الموارنة قبل عامين والذهاب نحو لائحة أسماء توافقية، ثم اكتئاب نتيجة عودة رئيس «تيار المستقبل» الى المربع ما قبل الأول. خيار سليمان فرنجية، حيث زاره يومها أحمد فتفت وعاطف مجدلاني لوضعه في أجواء مبادرة الحريري، ثم التكويع نحو «الجنرال» مجددا، وصولا الى التسليم الجنبلاطي بحتمية التصويت لميشال عون في جلسة الحادي والثلاثين من تشرين الأول..
وما بين «الهبّة الباردة» و «الهبّة الساخنة»، عاش هنري حلو في الصيف الفائت فرحة كبرى. فرحة زفاف ابنته لورا في «فيلا بستاني» في الجيّة بحضور وليد جنبلاط وعائلته.
قبل نحو سنتين، كان حلو من المنظّرين لرئاسة سيطول فراغها قبل أن تُفرج. أما اليوم «فأتمنى أن تؤدّي الجهود القائمة الى نتيجة. أنا لست طرفا في المفاوضات واللقاءات لكن كل أملي أن «يمشي الحال»، وفي مطلق الأحوال، انتخابي أو انتخاب غيري لن يكون إلا من خلال التوافق».
وهل نسي زملاء حلو أنه مرشّح أصلا للرئاسة؟ يجيب بعفوية «اسأليهم».