لقد توضَّحت “الصورة الموقّتة” للوضع في لبنان على الصعيدين الأمني والسياسي، مما يُدخل بعض الطمأنينة إلى نفوس الناس بعد الهزَّات والتهويلات التي انهمرت من جهة قطبي 8 آذار، وعلى أساس يا بتردّوا النابليون وتعدون الجنرال بقيادة الجيش، يمّا بتقوم الضيعة.
سارع الرئيس نبيه بري إلى وضع النقاط على الحروف، معلناً بصريح العبارة أنه لن يسمح بتعطيل الحكومة أو التعرُّض لها في هذه المرحلة الحرجة، مؤكّداً لمن يهمّهم الأمر ويعنيهم أنه سيُدافع عن الحكومة “بكل ما أُوتيت من قوّة”.
أما بالنسبة إلى تعيين قائد للجيش فإنه من دُعاة تأجيل هذا الاستحقاق، في انتظار ما قد يطرأ من إيجابيات في الآتي من الأيام والأسابيع.
والمريح بالنسبة إلى الوضع الأمني أن التعاون البنَّاء بين رئيس المجلس ووزير الداخلية نهاد المشنوق والتنسيق مع وزير الدفاع وقائد الجيش وسائر المعنيّين، قد أثمر وأدّى إلى سحب ملف عرسال من “الحساسيَّة المذهبيَّة”.
هل يعني ذلك أن في إمكان اللبنانيين أن يأخذوا نَفَساً عميقاً، ريثما ينجلي غُبار المفاوضات بين واشنطن وطهران… حول النووي، والعقوبات، والمنطقة والرئاسة في لبنان؟
معنا شهر حزيران بكل أيامه وساعاته ودقائقه. فهو الشهر الحاسم، ونهايته يؤمَل أن تكون سعيدة على طريقة الأفلام المصرية، فتمهِّد نتائجه لـ”العرس” الذي ينتظره اللبنانيون على أحرِّ من الجمر منذ سنة وستة أيام.
وليس ثمّة توقُّع لأية مفاجأة على صعيد الفراغ الرئاسي خلال هذا الشهر، وقبل أن يتصاعد الدخان الأبيض من الاجتماع الأخير، أو “اجتماع الاتفاق” في ربع الساعة الأخير من حزيران الجاري.
حتماً، لن تهدأ الأعاصير والزلازل في المنطقة العربيَّة في يوم وليلة، أو ما بين طُرفة عين والتفاتتها. ستغلي طبخات بحص متعدّدة الهدف والهوية فوق نار حاميَّة. وقد يُفاجأ العالم بمتغيِّرات عدّة ما بين سوريا والعراق واليمن.
إلا أن المشوار الناري في هذه البقعة المفرقعة قد يطول، ويتوسّع، ويأخذ في طريقه ما ليس في الحسبان.
غير أن الأمر وما فيه يتّصل في الدرجة الأولى بالحالة اللبنانيّة الشاذّة، والتي تُشغِل بال المتحمّسين للصيغة اللبنانيّة، وتجربتها النادرة، والحاجة إليها في مرحلة انفجار الصراع المذهبي بكل أخطاره.
قد لا يتمّ النصيب في بدايات تموز، لكن الاستحقاق الرئاسي سيتصدّر واجهة الاهتمام: هنا وهناك وهنالك…