IMLebanon

أين البقاعيون من الأزمة الاقتصادية؟

 

 

يسري الوضع الإقتصادي السيئ والمعاناة اليومية للبنانيين على مدينة بعلبك وأهلها، حالها حال كل المناطق اللبنانية التي تنتفض على هذا الوضع محملين النظام والحكومة المسؤولية في الفشل لإيجاد حلول تنقذ اللبنانيين من شفير أزمة تهدد مصيرهم وأبناءهم، وهم تحت رعاية نظام الإصلاح والتغيير الذي لم ينجح حتى الآن في مقاربة الأمور من زاوية المنطق والبحث عن حل.

 

بالأمس عادت أزمة المحروقات وأطلت أزمة الخبز برأسها ولا يزال هناك من يراهن على حزبه علّه ينتشله مما هو فيه، وككل المناطق اللبنانية التي تنقسم طائفياً وحزبياً تعيش بعلبك والبقاع عموماً أزمة إنتفاضة بوجه الطبقة السياسية والوضع السيئ الذي وصلت إليه الأمور، حيث شهدت على مرّ أسبوعين تظاهرتين لا يتجاوز عدد المشاركين فيها أصابع اليد الواحدة، ولم يقفل أصحاب المحال التجارية في وسط المدينة محالهم لرفع صوتهم وإيصال صرختهم علّ من يسمع وهم يرزحون تحت عبء الدين والفوائد.

 

من البديهي أن يطلب أصحاب المحال التجارية والمتضررون من الوضع الإقتصادي مساندة الناس لهم في تحركهم، ويكونون أصحاب الدعوة والتظاهر، لكن الآية جاءت معكوسة في بعلبك، حيث يناشد عشرات المواطنين أصحاب المحال في السوق والتجار للوقوف معهم والتعبير عن غضبهم مما آلت إليه الأمور والأوضاع التي كان لبعلبك حصة الأسد فيها.

 

فمن الأحداث الأمنية وعمليات الخطف والسرقة والمشاكل اليومية التي كان آخرها منذ أيام حيث نشب خلاف على شراء محل في المدينة بين عائلتي نصرالله والجمال إلى إطلاق نار وقذائف نتج عنها إصابة رجل وإمرأة حالت العناية الإلهية دون موتها وهي لا ناقة لها في الإشكال ولا جمل. إلى الظروف التي رافقت الأحداث السورية وإطلاق الصواريخ على البقاع ومناطقه والتفجيرات التي أرعبت المواطنين، إلى غياب سلطة قادرة وأحزاب فاعلة تعمل لخدمة المنطقة وأهلها، ونواب يحملون هم الأمة وأبناء البقاع للعودة بمشاريع إنمائية، كلها أسباب جعلت بعلبك الخاسر الأكبر والضحية الأولى لتردي الأوضاع الإقتصادية، وعليها بدأ حال التراجع يصيب التجار والمواطنين معاً حتى غرقوا في الديون.

 

تجار بعلبك وأصحاب المحال التجارية الذين لم يشاركوا في الإعتصامات غاب عن مخيلتهم حجم الفوائد التي يدفعونها لتجار الفائدة من المطلوبين وتجار المخدرات، وغاب عن البعض أيضاً محالهم التي خسروها تحت وطأة الديون وعدم القدرة على التسديد حيث أصبحت المحال في السوق معروفة الجهة المالكة وهي من العشائر وأفرادها يديّنون الناس الأموال بفائدة عالية يرزح تحتها المستدين راهناً محله وعند تراكم الفوائد ووصول معدلها إلى المبلغ الأساسي يتخلى عن محلّه مقابل الديون. أما حال الشباب فهو ليس بأفضل، حيث ينخرط شباب البقاع في الأسلاك العسكرية على مختلف أنواعها، فيما ينضم القسم الأكبر منهم إلى صفوف “حزب الله”، ينتشر على الجبهات وفي الداخل ويقاتل في سوريا، وعليه فلا ينزل إلى الساحات للتظاهر ضد الوضع الإقتصادي لأن “حزب الله” جزء من تركيبة الحكومة كذلك “حركة أمل” ومناصروها، أما باقي المواطنين فلا حول لهم ولا قوة.

 

ويوضح مصدر من فعاليات المنطقة لـ” نداء الوطن” أنّ “مدينة بعلبك اليوم مغلوب على أمرها، وهي ترزح تحت وطأة الأحزاب التي تعمل وفق مبدأ كونوا معنا حتى تحصلوا على رغيف خبزكم، ويعيش أهلها أوضاعاً إقتصادية صعبة لم يسعَ القيّمون إلى إيجاد حلولٍ لها”. وأضاف أن “الانضمام والإنتساب إلى الأحزاب جعل التجار والناس يرضخون لسلطتهم لا لسلطة مصلحتهم، حيث يمتنعون عن المشاركة في التظاهرات والإعتصامات التي تطالب بحقوقهم وتحسين أوضاعهم، وحتى تلك التي كانت تحصل سابقاً إحتجاجاً على التفلت الأمني، وللأسف فإنّه تحت سقف الولاء الحزبي أو الخشية من السطوة الحزبية بات الناس ينكفئون عن ساحة الدفاع عن لقمة العيش… رغم القناعة التامة بأنّ البقاع هو في أسوء ظروفه ويحتاج إلى نهضة إنمائية اقتصادية تخرج أبناءه من دوامة الديون والعجز والعوز”.