IMLebanon

هنا قضية القضايا

هل حان الوقت، وحانت اللحظة المناسبة ليطالب اللبنانيّون الحوار الثنائي بتركيز الأبحاث والجهود على الاستحقاق الرئاسي الذي أزاحه الفراغ جانباً ليحلّ محلّه، كما هو واقع الحال؟

في قديم الزمان قيل أكثر من مرة “عندما يجتمع شمل اللبنانيّين يتحقّق للتوّ، وبكل سهولة، ما هو من وزنات المستحيلات الثلاث.

ومن حسن المصادفات أن هذا القول تأكّد مرة أخرى. وبالوزنات ذاتها. وخلال مواجهة تجربتين، لا تجربة واحدة: مجزرة جبل محسن الانتحاريّة، والتصدّي للمربع الأمني داخل المبنى “ب” في سجن رومية.

وقد وضعت بريتال في الخانة الأولى، ضمن الخطة الأمنيّة التي تشمل كل لبنان. من الناقورة إلى النهر الكبير. وكل موقع بموقعه، وكل مربّع يلي الذي سبقه.

من دون الدخول في التفاصيل، والتوغّل في الصرف والنحو والتحليل والتعليل، يمكن القول والجزم إن الفضل الأوّل في تحقيق هذه “النقلة التاريخيّة” يعود إلى الحوار الذي يتهيّأ لجلسته الثالثة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”.

أين كنّا، أين أصبحنا وكيف؟

في أسرع من لمح البصر انتقل البلد من حال إلى حال. من حال القلق والاضطراب والتمزّق والتفرّق إلى العناق وتبادل العتاب والأشواق، ثم الشروع مباشرة في الكلام المفيد الذي أوله “الأمن الوطني” والاستقرار وإزالة الحواجز من النفوس قبل الشوارع والزواريب والأحياء.

لقد أكّدت الأحداث واللقاءات والإيجابيات أن الحوار بدأت ثماره تؤتى تباعاً، وتساهم مباشرة ومداورة في تذليل العقبات المتراكمة أمام عدد من المشاريع والقضايا الحياتيّة المزمنة التي منها مطمر الناعمة، على سبيل المثال.

قطار الأمن انطلق. ولا عودة عن القرار السياسي المتّخذ على مستوى قيادتي المستقبل والحزب.

وهذا أمر حسن، من شأنه وضع البلد والناس في مناخ الانفراج الذي اشتاقوا طويلاً إليه، فضلاً عن تشجيع المتحاورين للمضي قدماً صوب القضايا والملفّات العالقة، والتي كانت بمثابة وقود يلجأون إليها حين تدقّ ساعة تعكير الأجواء والنفوس والاستقرار.

إنما يبقى الأمر الأهم، والذي من دونه لا تكتمل الفرحة، ولا تكتمل متطلّبات عودة الأمن، وعودة الدولة، وعودة المؤسّسات، وعودة القانون: وهل يخفى الفراغ الرئاسي؟

هنا لا بدّ من التوقّف عند كلام دقيق للرئيس فؤاد السنيورة عبر محطة “سكاي نيوز – عربيّة”: “هناك قضايا أساسية نختلف عليها مع “حزب الله”، كالسلاح، والتورّط بالصراع في سوريا والعراق، ثم بسط سلطته على الدولة”.

ولم تفته الدعوة إلى “التوافق على الرئيس التوافقي لحلّ المعضلات الأساسية. مع التذكير بأن التوافقي لا يعني أنه ليس قوياً”. هنا قضية القضايا.