IMLebanon

بالتوريث.. يولد عهد كتائبي جديد!

سامي يريد تعميم «تجربة أبو فاعور»

بالتوريث.. يولد عهد كتائبي جديد!

ما يجري من حراك في حزب الكتائب يدلّ على أنّ مقر الصيفي يتهيأ للتوريث من الأب للإبن. تكفي سطوة العائلة وتأييد «فتيان الحزب» كي يصير سامي رئيساً، ولن يكون الأمر مفاجئا لأحد لا في «حزب العائلة» ولا خارجه!

بمقدور الشاب «الكتائبي» الاستعانة بالنظام الداخلي للحزب العتيق بحرفيته وروحيته كي يجلس على الكرسي الذي نقشه جده بيار الجميل بإزميله. كل شيء ينتظر قرار الرئيس أمين الجميل، ومن بعدها لكلّ حادث حديث.

ولكن الورشة الحزبية القائمة تقول بصريح العبارة «إنه زمن الانتقال من الشيخ أمين إلى الشيخ سامي»، وما يعني ذلك من تحوّل كبير سيطرأ على وجه القيادة الحزبية، وتحديداً المكتب السياسي ونائبيّ الرئيس.

وفق الهيكلية التنظيمية، فإنّ الكتائب على موعد مع مؤتمر عام يعقد كل أربع سنوات، وقد تحدد موعده في 12 و13 و14 حزيران المقبل.

عادة، تتوزع مهام المؤتمر العام الذي يعتبر السلطة العليا في الحزب على ثلاثة محاور:

] سياسي تناقش خلاله وثيقة الحزب السياسية وهي التي تحكم مساره للسنوات الأربع المقبلة.

] إداري يناقش مسائل إدارية تصل الى حدود تعديلات تنظيمية في حال كانت مطلوبة.

] انتخابي يصار خلاله الى انتخاب رئيس ومكتب سياسي (16 عضواً) ومجلس الشرف ومجلس الرقابة المالية.

أما أعضاء المؤتمر فيأتون من مشربيْن. وهنا أيضاً يتباهى الكتائبيون بالأطر الانتخابية التي يمارسونها «فعلاً لا قولاً». هناك نحو 80 عضواً حكميين هم النواب والوزراء والقيادة ورؤساء المصالح والأقاليم والندوات. وبحسب النظام الداخلي، يفترض أن يصار الى انتخاب أربعة أضعاف هؤلاء من القاعدة مباشرة يكونون ممثلين لها، وفق آلية «one man one vote»، ما يكون نتيجته أكثر من 360 مندوباً ينضمون الى من سبقهم، ليكونوا سوية هيئة المؤتمر العام وصاحبة الكلمة الفصل فيه.

هكذا يجمّل الكتائبيون عملية «الانتقال الحريرية» في أعلى الهرم الحزبي على متن صناديق اقتراع، يقولون إنها الأكثر ديموقراطية وتسمح لكل الآراء الحزبية بالتعبير عما في داخلها، سواء كانت من صنف المؤيد أو المعارض. سيتاح للجميع إخراج ما يقولونه ضمن الغرف المغقلة للعلن. ومع ذلك النتيجة محســومة سلفاً.

لهذا، لا يبدي سامي أي ردة فعل حيال كل ما يأتيه من أخبار عن ضجة أو جبهة معارضة تُنشأ بوجهه، لا سيما من جانب ابن عمه نديم. كما لا يبدي خشية من تأثير هذه المعركة على البنية الحزبية لكونها غيمة عابرة لن تترك وراءها أي أثر. لهذا يعتصم الشاب بالصمت.

حتى في اجتماع المكتب السياسي الكتائبي الأخير، بدا السكون طاغياً على المسألة الانتخابية. ما من أحد تجرأ على إثارتها على الطاولة، مع أنّ الجميع يعلم أنّ كل الحراك في «الصيفي» يصب في هذه الخانة. اكتفى المشاركون بتفنيد ورقة التعديلات التنظيمية المقترحة. وأثير الكثير من الغبار «التشكيكي» حول نقاط لا تستحق هذا الكم من النقاش، فطويت الصفحة وقرر المكتب السياسي عدم طرح أي تعديلات تنظيمية على المؤتمر.

أما الورقة السياسية المنتظرة فينكبّ الرئيس أمين الجميل شخصياً على كتابتها، والتي يتوقع أن تتضمن في جزء منها الأسباب الموجبة التي ستدفعه الى الاستقالة من أي منصب قيادي، وفق بعض «الكتائبيين» المتابعين الذين يستبعدون إمكانية انتقال رئيس الجمهورية الأسبق من منصب رئيس الحزب الى الرئيس الفخري، لا بل قد يكتفي الرجل بالعمل الأكاديمي، فضلا عن استمرار رهانه الرئاسي.

في السياسة أيضاً، تضغط «مجموعة سامي» باتجاه تعميم ثقافة مكافحة الفساد، وسيشكل المؤتمر العام مدخلاً لرفع لواء هذا العنوان «بالممارسة وليس بالشعارات فقط».. حتى تكون عدّة العهد الجديد. بمقدور هؤلاء إبراز الكثير من الفضائح التي وُضعت عليها اليد على طاولة مجلس الوزراء حيث فاحت بنظرهم روائح الفساد والصفقات المالية وعقود التراضي المتخمة بعشرات وربما مئات ملايين الدولارات والمناقصات الوهمية.

إذ يبدو أنّ دخول سامي في التفاصيل الحكومية بواسطة مجموعة من المستشارين التي تتابع كل فاصلة ونقطة تحصل على مائدة تمام سلام، وتلاحق «نظرياً» كل قرش يصرف من خزينة الدولة بواسطة قرارات مجلس الوزراء، زاد الحماسة في ذهنه لتكريس هذه الممارسة على صعيد الحزب ككل، وليس ضمن دائرته الضيقة فقط، اعتقاداً منه أنّها الطريقة الأسهل لبناء حيثيته الشعبية، لا سيما أنّ تجربة وائل أبو فاعور الناجحة ماثلة أمام عينيه. من دون أن ينسى أن لهذه السياسة الإصلاحية كلفة باهظة لا سيما على مستوى العلاقة مع الحلفاء.

أما على المستوى الانتخابي، فإنّ تربع سامي على كرسي الحزب يعني حكماً أن الشاب سيحاول إحاطة نفسه، تنظيمياً بالمجموعة التي يرتاح إليها ويثق بها، وهو سبق له أن فتح لها أبواب الصيفي بعد عودته الى «الدار الأم».

ولهذا يعتقد بعض «الكتائبيين» أنّ هذا الانتقال سيكون له تأثير على مستويين: أولاً، دخول «كتائبيين» الى المكتب السياسي من الجيل الجديد، مع أن هؤلاء محكومون بمدّة زمنية محددة من حمل البطاقة كي يكونوا في عداد المرشحين. ومن دون أن يعني ذلك أن الرئيس الجميل لن يترك له وديعة في القيادة الجديدة تكون محسوبة عليه حصراً.

ثانياً، خروج كتائبيين من القدامى تحديداً ممن لا يحتملون فكرة ترؤس سامي لهم. وهذا المبدأ قد ينطبق على أعضاء المكتب الرئاسي وعلى نائبيْ الرئيس.