Site icon IMLebanon

هرطقة

يستمر الجدل بين مكونات حكومة المصلحة الوطنية وبخاصة بين رئيسها تمام سلام ووزيري التيار الوطن الحر ورئيسه النائب ميشال عون وكل منهما يدّعي لنفسه انه ينطلق من الدستور الذي ينص على صلاحيات مجلس الوزراء في اتخاذ القرار عندما يتولى وكالة صلاحيات رئيس الجمهورية، والآلية الواجب إعتمادها في هذا الصدد.

فالتيار الوطني وانطلاقاً من المواد الدستورية  التي تنص على ان صلاحيات رئيس الجمهورية في حال غيابه لأي سبب كان تناط وكالة بمجلس الوزراء، يصر على ان هذا النص يحتم على مجلس الوزراء ان لا تُتخذ قراراته إلاَّ بالإجماع ويمنع عليه ان يتجاوز هذا القرار في جميع الحالات إلاَّ في حال حصول الإجماع، وبذلك يُعطى (برفع الياء) كل وزير في الحكومة الصلاحيات الدستورية المعطاة لرئيس الجمهورية متجاهلاً تماماً المادة 64 من الدستور نفسه التي تنص على ان مجلس الوزراء سواء حضر رئيس الجمهورية فترأس الجلسة أو لم يحضر يتخذ قراراته بالتوافق وفي حال لم يحصل التوافق يتخذ قراراته بالنصف زائداً واحداً بالنسبة إلى البنود العادية أو بأكثرية الثلثين بالنسبة إلى البنود الميثاقية الـ 14 التي نص عليها الدستور نفسه، ورئيس الجمهورية في هذه الحالة لا يحق له كما نص الدستور المشاركة بالتصويت، إضافة إلى المواد الأخرى في الدستور التي تنص على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وعلى صلاحيات المجلس ما معناه ان صلاحية إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء في حال غياب رئيس الجمهورية لأي سبب كان لا تلغي النصوص التي حددت صلاحيات رئيس الحكومة لجهة ترؤس جلسات مجلس الوزراء ووضع جدول الأعمال ويُطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي يتضمنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث، وتنص المادة 65 البند الخامس على ان «يجتمع مجلس الوزراء دورياً في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر ويكون النصاب القانوني لانعقاده أكثرية ثلثي أعضائه ويتخذ قراراته توافقياً فإذا تعذر ذلك فبالتصويت ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور اما المواضيع الأساسية فإنها تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها. فيما تقضي المادة 67 على انه «للوزراء ان يحضروا إلى مجلس الوزراء أنى شاؤوا وأن يُسمعون (بضم الياء) عندما يطلبون الكلام ولهم ان يستعينوا بمن يرون من عمال ادارتهم. فكل هذه النصوص بالنسبة إلى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وصلاحيات المجلس تعني أن إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء لا علاقة لها بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء، بقدر ما هي صلاحيات إضافية حتى لا تتعطل الدولة بغياب رئيس الجمهورية لا أكثر ولا أقل، وبالتالي فإن هذه الصلاحيات الإضافية التي انيطت بمجلس الوزراء لا تعطي أي وزير ان يكون ممثلاً لرئيس الجمهورية حتى ولو كان كذلك فإنه لا يستطيع ان يعطل أي قرار يتخذه مجلس الوزراء، سواء بأكثرية النصف زائداً واحداً أو بأكثرية الثلثين، وبذلك يكون الجدل القائم حول صلاحيات مجلس الوزراء وربطها بصلاحيات رئيس الجمهورية مجرّد هرطقة دستورية لا معنى لها سوى الإفتئات على الدستور وصولاً إلى تعطيل عمل الحكومة بعد تعطيل عمل مجلس الوزراء، وعلى رئيس مجلس الوزراء الذي يحظى بثقة أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء ان يستمر في عمله كالمعتاد ويدعو مجلس الوزراء إلى الاجتماع دورياً وإلى اتخاذ القرار وفق ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة الخامسة والستين من دستور الطائف، ويبقى على وزيري التيار الوطني اما ان يلتزما بالدستور واما ان يخرجا من الحكومة وهما أحرار في ذلك ولكنه لا يجب ان يؤثر على مسيرة عمل الحكومة في أي شكل من الاشكال ولا يجب بأي حال من الاحوال ان يستمر هذا الجدل الدستوري بل هذه الهرطقة بأي شكل من الاشكال.