IMLebanon

«ضيعانك» يا جبران/ 2! لم يتغيّر شيء..

 

في 12 كانون الأول 2007، الذكرى الثانية على سقوط جبران تويني شهيداً، كتبنا في هذا «الهامش»تحت عنوان: «لم يتغيّر شيء.. «ضيعانك» يا جبران، توقفت طويلاً بالأمس أمام «خيبة» مُرّة حملها هذا العنوان بعد عامين فقط على اغتيال جبران تويني نسفاً بعد أقل من 24 ساعة على عودته إلى لبنان، بعد حملة «مخابراتيّة» عنيفة تعرّض لها استدراجاً لهذه العودة لتصفية أحد أعلى أصوات «ثورة الأرز» وتاريخ ذاك اليوم العظيم «14 آذار 2005»، اليوم تحلّ الذكرى التاسعة على غياب «الصوت اللبناني العالي»، ونظنّ أن الوضع أكثر بؤساً وتشرذماً وكذباً ونفاقاً وتكالباً على لبنان وشعبه، لم يتغيّر شيء؟ و»لن» يتغيّر شيء أبداً…

إنّ إرث 14 آذار «التاريخي» تحوّل منذ العام 2005 وقبل استشهاد جبران تويني، إلى «قوانين» إنتخابيّة بحسب مصالح الطوائف والمذاهب وتكتّلات وتحالفات رباعيّة واهية لا يجمع بينها إلا «مصلحة اللحظة»، «ضيعانك يا جبران»، صحيح «ضيعان الرجل الذي تمزق أشلاءً على قارعة الطريق»، و»ضيعان» كلّ الذين سقطوا شهداء وقرابين على مذبح لبنان، بسبب السياسة الكذوبة العوجاء، والأحلاف الإقليمية منذ قرون عديدة، لا منذ 9 أعوام ولا ثلاثين ولا خمسة عشر عاماً، للأسف «وطني» تتناهشه الأحلاف الغريبة منذ كان وكانت الأحلاف، لا يتغيّر في هذه اللعبة سوى تغيّر أسماء اللاعبين وتوالي أسماء المحتلين، كأنّه جزء من قدرنا أن نكون مرهونين في السير قطعاناً خلف طوائفنا ومذاهبنا، نهتف باسم الذين يبيعون لبنان وشعبه «مئة بيعة» من أجل مصلحة شخصيّة، أو ارتهاناً لـ «أولياء النعم»، ولا ينقص اللبناني الذّكاء ليعرف هؤلاء بالأسماء والأفعال والأقوال!!

من ذاك الهامش في نهايات العام 2007 أستعير ما زال يتكرّر كسيناريو مكرور لم يضجر «الكذّابون» من تكراره على مسامعنا: « ما زال المشهد محزناً لم يتغير،أرجع إلى افتتاحيات «جبران تويني» واحدة واحدة، ما زالت كلّها كأنها كتبت للتوّ، وكأنّ قدر لبنان لا يتغيّر، كأنّه وطن مرصود للشهادة والشهداء..في 13 نيسان 1995 كتب جبران في افتتاحيته: «لقد أصبح لنا اليوم تاريخ معاصر مكتوب بالحبر الأحمر، تاريخ دفعنا ثمنه غالياً. فليس من العيب أن تمر الأوطان بمعموديّة الدم (…) أما اليوم فيمكننا أن نقول أننا في لبنان دفعنا غالياً جداً ثمن استقلالنا وحريتنا(…) جيلنا دفع الثمن بدون تردّد وضميره مرتاح ورأسه مرفوع! جيلنا دفع الثمن كي لا يدفع جيل الغد الثمن!».

ليس عيباً يا جبران العيب أنّنا لم نتعلّم شيئاً من معموديّة الدم،وأشهد أن جيلك دفع الثمن، وأنّك دفعت الثمن مرتاح الضمير ومرفوع الرأس، إلا أنّنا ما زالت رؤوسنا محنيّة،وثمّة جيل جديد يستشرس ليأخذنا إلى معموديّة دم لا نريدها.. العيب يا جبران أنّه لم يتغير شيء بعد عامين انقضيا [تسعة أعوام]، في 14 تموز 2005 كتبت في افتتاحيتك: «ثمة أكثرية نيابيّة تتعاطى الشأن السياسيّ بذهنيّة الأقليّة، وأقليّة نيابيّة تتعاطى هذا الشأن بذهنيّة الأكثريّة، في حين أن المطلوب هو أن تتعاطى الأكثرية والأقلية النيابيّتان بذهنيّة إيجابيّة مبنيّة على التكامل والتفاعل وبهدف التقدّم معاً، وليس التراجع عبر سلبيّة تعتمد ممارسة حقّ الرفض أو الفرض بهدف رفض الآخر أو شلّه».. لم يتغير شيء يا جبران البلد مشلول، كسيح عاجز عن الحركة، مخنوق عاجز عن التنفس، وسيبقونه مشلولاً إلى أن يأذن لهم «أربابهم»الذين ألهموهم التعطيل والشلل..

والعجب العجاب يا جبران، أنّك كتبت في افتتاحيّتك في 6 تشرين الثاني 2003 متسائلاً: «من يقرّر سياسة لبنان الدفاعيّة والخارجيّة، الدولة اللبنانيّة أم حزب الله؟ وهل أصبح حزب الله ممثلاً للدولة والحكم؟»(…) لم يتغيّر شيء يا جبران ولم يجب أحد بعد على تساؤلاتك، وكلّه مرهون بكذبة كبيرة اسمها «حل الأمور بالحوار»!!