IMLebanon

يا دبابير العالم… كفاكم خرقاً لهدوء العالم

أرأيت إلى وكر الدبابير الهائل الذي يطل على العالم كله من وقت إلى وقت ليقول لهذا الشرق الأوسط الحافل بأعتدته وأسلحته، والمتحفز أبداً للقفز فوق الشوك، بل ليدخل في قلب الآلام والمواجع كائناً ما بلغت مخاطرها وتحدياتها.

أرأيت إلى هؤلاء الحمقى الذين كلما احتاجوا إلى مشكلة مشبوهة المنبع والأصل والهدف، خلقوا لها بصورة مصطنعة رعناء كلمة أو مقالاً أو صورة أو رسماً أو كاريكاتوراً أو نشرة هوجاء، تخلق بين الناس، حركة سوداء وشراً مستطيراً، كلما «حركشوا» لها أوكار الدبابير، التي يزداد وجودها في هذا العالم وكلما أثبتوا أن للشر أصلاً ثابتاً وأكيداً، يأتي من هناك… من تلك البقعة من الأرض التي ألصقوا ببعض أنحائها وآرائها وأفكارها، وزعموا أن بعضاً من صفاتها التمتع بحرية القول والفكر والرأي وأن يهبّوا ويسبّوا وينالوا من الآلهة والأنبياء والأديان من شاؤوا، وأن يتحولوا متى شاؤوا وأرادوا الى ثعبان حالك السواد شديد السم وإلى سيدة شمطاء، لا تتقن إلا الكلام المسيء والقول المثير للفتن ولم يكفِ صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية، ما نشرته حتى الآن من رسوم كاريكاتورية سوداء بصورة شبه دائمة ومتكررة ومتخصصة في التعرّض لسمعة وحياة وسيرة النبي «صلعم» وإلى كل ملايين البشر الذين يمثلهم وينطق قرآنه ولسانه بإسمهم، وإلى كل المبادئ السامية التي يحفل بها هذا الدين وتوحى بها كل الأديان السماوية.

ولم يكتفِ هؤلاء الحمقى بهذا التحدي المتكرر لمشاعر المسلمين الذين مهما جهدوا إلى القول والفعل العاقل والرشيد والمتسامح الذي يشكل صلباً أساسياً مكوناً للإسلام عقيدة وشرعاً ومبادئ وتعاملاً حسناً بين البشر، فهذا النبي الذي إنما بُعث ليتمّم مكارم الأخلاق، وهذا النبي الذي سعى جاهداً لأن يكون رسول السلم والسلام في العالم فأين لهم أن يتحملوا وزر هذا الكره والتحدي الذي يمارسونه بحقه وباستمرار، ومجلة «شارلي إيبدو» وأمثالها في أوروبا وفي بعض أنحاء العالم تزعم أنها تُسهم في نشر رسوم مستنكرة تستهدف اختلاق الفتن تحت زعم حماية حرية الفكر من خلال أفواه كل تلك الثعابين السامة التي لا تستهدف الا الشر وايقاع الإشكالات مختلفة الأنواع والأشكال والأحجام ما بين البشر، وها هو العالم الإسلامي وبعد سلسلة من الوقفات الحليمة والرصينة والهادئة التي أطلقها إلى العالم، تعليقاً على الجرم المرتكب تجاه أسرة تحرير المجلة، فالحق يقال، كان هذا الجرم الذي وصل الى حدود القتل، في شكلياته وفي أساسياته أمراً مرفوضاً ومستنكراً وإن كان ما أوردناه حول وكر الدبابير الذي ما فتىء يستثيرها، قد بدأ يُطلق في الإعلام الإقليمي والعالمي، جملة من التعليقات الرسمية شديدة الحدة والانتقاد، أقل ما ورد فيها أبرز وأقسى أقوال الإستهجان والإستنكار، وهي أقوال بعيدة المدى في الماضي وصولاً إلى الفتوى والعقاب الأشد الذي اطلقهما الإمام الخميني بحق سليمان رشدي تمثل منهما القرار الاقسى في تاريخ التشدّد الديني بحق جماعة الرسوم الدبورية الرامية إلى التحرش بالقيم الرسالية والدينية والإنسانية، وأن تكرر تحرشها مرات ومرات ثم لا تلبث أن تعيد الكرّة غير متعظة بما فيه الكفاية مما طاول سليمان رشدي وأمثاله من تحديات ومخاطر، الأمر الذي أطلق في العالم بأسره آثاراً سيئة وخطيرة ما زالت تُهدّد حياته وتهدد أمن العالم حتى الآن بكثير من الأخطار، وما علينا في هذه الأيام شديدة التخبط والإضطراب، من آثار لا يعلم الا الله إلى متى وإلى أين سيكون مداها وإلى أية نتائج ستوصل المستقبل البشري المقبل.

حتى أوباما المتخبط الدائم في آرائه ومواقفه … يكاد أن يكون أكثر هدوءاً وعقلاً وحكمة نسبة للعبة الأنبياء والرسل هذه، التي يستسهل البعض خوض غمارها، فهي إذ تبدو منذ البداية، لعبة أكبر من لاعبيها بكثير، وأكبر حجماً في نتائجها الخطيرة على دبابيرها، من أن تكون لهم قدرة على حمل يستهوله عليهم أوباما، متهماً الدول الأوروبية بالعجز عن معالجة واحتواء أبناء الأديان والأجناس غير الأوروبية وبخاصة منها المنتمية إلى الطوائف والمذاهب الاسلامية وكل من يتجه إلى العقل والحكمة.

وهو وضع مخيف بدأ منذ بداية هذه الأحداث، يبث الاضطراب والذعر في أوروبا وخاصة في فرنسا والمانيا وحيثما كانت هناك أقليات دينية ومذهبية وعرقية في العالم تخشى على وجودها ومصيرها ومستقبل أولادها وأجيالها المقبلة. كفى اختلاقاً للشعارات المموهة والبراقة، وكفى مواجهة … لأوكار الدبابير المستثارة.