IMLebanon

حزب الله واحتقار الدّولة والجيش  

 

فيما لم يكن حبر بيان مجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد يوم أمس في قصر بعبدا بكلّ الأجهزة وقياداتها التي حضرت هذا الاجتماع وحتى برئيس الجمهورية الذي ترأسه، في محاولة «ادّعاء» هيبة دولة لها جيشها وأجهزتها التي تحمي حدودها من المهرّبين اللصوص الذين يسرقون اللقمة من فم المواطن اللبناني وخزينة الدولة لتتاجر بها قلّة قليلة من اللصوص اللبنانيين والسوريين، حتى أطلّ على اللبنانيين أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليمارس دوره كجنديّ في ولاية الفقيه فيتفّه قرارات مجلس الدفاع الأعلى، ويحتقر قدرات الجيش اللبناني وإمكانيته مع القوى الأمنيّة اللبنانيّة الأخرى في إغلاق المعابر غير الشرعيّة التي لا يدخل ولا يخرج منها «قشّة» إلا بمعرفة ورعاية وعناية حزب الله، المتهم الأول والأخير عن حالة التسيّب الحدوديّة التي يعيشها لبنان لمصالحه العديدة المتعلّقة بوجودها!!

 

أعادت إطلالة حسن نصرالله بالأمس تظهير أزمة لبنان الحقيقيّة، لأنّ مأزق لبنان الحقيقي وأي حكومة ستتشكّل فيه ليس في الوضع الاقتصادي ولا المالي ولا اهتراء الدولة ومؤسساتها ولا حاجتها إلى إصلاح عاجل، ولا إلى مساعدات دوليّة كلّ هذه مجرّد تفاصيل صغيرة لأنّ أزمة لبنان الكبرى والعميقة والجذريّة هي في حزب الله وأجندته الخاصة للمنطقة، وهذه الأزمة الكبرى مرشّحة للقضاء على الكيان اللبناني في مئويّته إن استمرّت الأمور على ما هي عليه، والأرجح ـ وللأسف ـ أنّها ستستمرّ!

 

يعلن بيان مجلس الدفاع الأعلى أن «الرئيس عون طلب بعدم التهاون في مسألة التهريب وشدد على ضرورة اتخاذ اقصى التدابير بحق المخالفين»، وأنّ قائد الجيش عرض الواقع الميداني للحدود البرية، لا سيما وضعية المعابر غير الشرعية من النواحي كافة وأنّه «تقرر وضع خطة شاملة لاستحداث مراكز مراقبة عسكرية وأمنية وجمركية»، فيطلّ نصرالله ليطلق الرصاص على الدولة والجيش اللبناني باحتقار شديد معلناً أنّ «إذا انتشر الجيش اللبناني على كل الحدود السورية فهو لا يمكن وحده أن يمنع التهريب»، يتجاهل نصرالله منطق «النسبيّة» في القضاء على التهريب، وأنّ «شغلة» الدولة اللبنانيّة والجيش اللبناني منع التهريب والحؤول دون مغادرة شاحنات لا تحتاج رؤيتها لتجهيزات حتى، وليس من شأن لبنان ودولته تأمين الحدود السوريّة من التهريب، وطالما أن نصرالله «طوشنا» بالأمس وهو «ينفخ» في سوريا وبشار الأسد والحرب ضدها وعن ذهابه وحزبه إلى سوريا، وما دام هو الموجود على الحدود مع لبنان الجهة السوريّة، فليخدم «وطنه» لبنان ويمنع دخول شاحنات التهريب إلى الداخل السوري، إنّما حزب الله «مزاريبو دايماً لبرّا»!!

 

في العام 2019 وضع أمين عام حزب الله لبنان واللبنانيين أمام خياريْن لا ثالث لهما «يا مع محور أميركا وحلفائها من الأنظمة العربيّة..يا مع إيران وحلفائها»، لم يتغيّر شيء على لغة الأمين «يا تهريب مستمر يا خضوع الدولة اللبنانيّة مجدداً لبشار الأسد»، عن أيّ دولة سوريّة يتحدّث نصر الله؟ عن دولة يأكل فيها اللصوص بعضهم، عن رئيس محاصر بفضيحة لوحة تزين جدار قصر من قصور ثمنها 25 مليون دولار أهداها لزوجته، أم عن دولة كلّ خيراتها منهوبة لحساب عصابة تحكمها؟!!

 

كلام نصرالله بالأمس ليس فقط احتقار للدولة اللبنانية وجيشها بل دعوة صريحة لانتحار لبنان من أجل فكّ عزلة بشّار الأسد، حتى الدول العربيّة التي ركضت إليه تمّت فرملتها، فالأسد منبوذ دوليّاً، حتى روسيا الدولة التي تبقيه صوريّاً رئيساً لسوريا تنبذه اليوم وترسل له رسائل نهايته علانية، فيما نصرالله يريد أن يسوق لبنان سوقاً ليخضعه لبشار الأسد مهما كلّف لبنان ذلك من عقوبات!!