Site icon IMLebanon

الحكومة قلقة… وتغريدة حبّ الله تثير الأسئلة

 

يكاد المشهد السياسي في لبنان يتحوّل إلى مسلسل تركي مملّ بحلقاته المتكرّرة، لولا بعض المفاجآت التي تخترق أحياناً حالة الانتظار التي اختار جميع الأطراف الركون إليها. من هذه المفاجآت التعديل الوزاري أو محاولات التغيير الحكومي، التي تقابلها سريعاً رسائل تطمين لرئيس الحكومة حسان دياب وكان آخرها تأكيد مراجع سياسية له بأنه باق حتى نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. لكن دياب، وعلى رغم ثقته بنوايا أصحاب هذه الرسائل، يبدي قلقه على مصير الحكومة من الوضع الاقتصادي – الاجتماعي الخانق الذي يعاني منه اللبنانيون والذي يمكنه أن يطيح الحكومة.

 

المطلعون على الحراك السياسي في لبنان يلفتون إلى محاولات جدية حصلت لإجراء تغيير حكومي، تقوم على الطلب من “حزب الله” الابتعاد كي تستطيع بقية الأفرقاء تنظيم العلاقات مع الخارج العربي والغربي، لكن “الحزب” لم يتماه معها. وفي ظلّ هذه الأجواء جاءت تغريدة وزير الصناعة عماد حبّ الله على منصة “تويتر” أمس لتطلق العنان للتحليلات، مؤكدة وجود خلل في العمل الحكومي. كتب حبّ الله متوجهاً إلى دياب يقول: “دولة الرئيس، أرجوك سمّ الأمور بأسمائها وبالأخص من يعرقلون عملنا الحكومي مدعين الحفاظ على البلد، ويختلقون الحجج والبراهين، ويصوّرون الحلول والأرقام وهم يودون الانقضاض على مقدرات لبنان ويرهنونه للخارج، ويطيّرونك أنت والحكومة عبر ضرب سعر الليرة وتأجيج وجع الناس اللي ما بقى فيها!”.

 

وانطلاقاً من أن الوزير يحتسب من ضمن حصة “حزب الله” في الحكومة ومن المحسوبين عليه ارتدى موقفه أبعاداً متصلة بـ”الحزب”، غير أن مصادر مطلعة على موقف “الحزب” قالت إن موقف حب الله هو موقف طبيعي من شخص مقهور كان سبق وجاهر به خلال اجتماع الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف أخيراً. يومها توجّه حب الله الى الحضور قائلاً: “يا أخي سموا الأمور بأسمائها، من يلعب بسعر صرف الدولار ومن يهرّب بضائع الى سوريا”. فالوزير يسمع من الناس ويُسأل من قبلهم ولا يجد ما يقنعهم لأن لا إجابات لديه تفسّر الوضع الذي نمرّ فيه.

 

للوزير حب الله موقف مستاء من إدارة الحكومة للأزمة عبّر عنه على طريقته وبأسلوبه، لكن هل هذا هو موقف “حزب الله”؟ وهل يعني ما قاله رفع “حزب الله” الغطاء عن الحكومة إيذاناً برحيلها؟ تجيب المصادر المطلعة بالقول ان الوزير عبّر عن موقفه الشخصي، و”حزب الله” لا يرغب باستقالة أي وزير من المحسوبين عليه في الحكومة لأنه لا يزال مصرّاً على أن لا بديل عن هذه الحكومة في الوقت الحاضر، ولا نية لديه لا بتغيير ولا بتعديل حكومي. ولكن هل يؤذن لحب الله ان يستقيل إذا أراد؟ برأي المصادر إذا أراد فهذا رأيه، ولكن “حزب الله” ليس في وارد فرط عقد الحكومة.

 

من ناحيتها رفضت مصادر مطلعة على موقف الوزير حب الله الذهاب بعيداً في اعتبار ما قاله بمثابة تلويح بالاستقالة، رغم تأكيدها انه ليس هاويَ كراسٍ ولا يتمسّك بمنصب، وهو يكرّر باستمرار أنه إذا وجد استحالة في المعالجة فلن يكمل مشواره. وفي حين رفضت المصادر الافصاح صراحة عن الجهات التي اتهمها حب الله بالتعطيل اكتفت بالقول إن المقصود جهات داخل الحكومة وأخرى خارجها، ولو أراد الوزير التسمية لفعل غير أن الامور واضحة والكلّ يعرف ويدعي عدم المعرفة، هناك جهة تتحمّل مسؤولية أخذ البلد الى الانهيار والناس تريد أن تعرف هويتها، وقد وصل البلد إلى مرحلة خطيرة لا يمكن لأي مستثمر أن يقدم على العمل في لبنان لانعدام الثقة فيه، والمغتربون لا يجرؤون على تحويل اموالهم.

 

وما لم تقله مصادر مقرّبة من حب الله أفصح عنه آخرون يدورون في فلكه ممن أعدوا جردة حساب تثبت التقصير الحكومي عند مفترقات دقيقة، فالوزير حب الله كان من داعمي إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليجد خلال الجلسة التي طرحت فيها إقالته أن الامور سارت باتجاه آخر. يعترض كيف أن الاهتمام الحكومي يذهب باتجاهات أخرى غير الواجب الذهاب اليها فيتم التلهي بأمور ثانوية على حساب الضروري. ومن مآخذه عدم وجود جرأة عند الحكومة بأن تتجه شرقاً ليكون هذا خياراً من بين الخيارات فيما لا يبادر الغرب إلى فك الحصار، فكيف بالمساعدة. لائحة اعتراض طويلة أعدّها الوزير الذي تؤكد مصادره المقرّبة أن اللحظة المخصصة ليخرج بها عن تحفظه ليست بعيدة.