يُخضع “حزب الله” حكومة حسان دياب، لمزيد من الإختبارات في قابل الأيام، وِفق المعيار الذي يعلو لديه على أي معيار، وهو مدى مُراعاة مُقتضيات الموقع الذي يحتلّه في المواجهة التي تخوضها إيران مع الولايات المتحدة الأميركية.
ومع أنّ حلفاء “الحزب” في الحكومة ينسجمون معه في المسائل الاستراتيجية، فإن مُغالاته في تحميلهم وِزر رسائله ضدّ الدور الأميركي تُحرِج بعضهم. تطوّرات الأسبوعين الماضيين دلّت إلى أن الأكثر مِطواعية في مُلاقاة تشدّده تجاه واشنطن كان دياب. الدليل هو الموقف من المعركة التي خاضها “الحزب” ضدّ السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، عبر استصداره قرار القاضي محمد المازح، بمنعها من التصريح، الذي انتهى إلى إلغاء مفاعيله واستقالة المازح.
فالحليف الأول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يتحمّل استخدام المؤسّسة القضائية في معركة “الحزب” مع السفيرة، بالرغم من أنّ مُحيط الرئاسة لا يُقصّر في استخدام القضاء ضدّ خصومها. اتّصال الوزير السابق سليم جريصاتي بالسفيرة شيا للإعتذار، كان بالإتّفاق مع عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، اللذين خذلا “حزب الله”، لأنّهما يسلُكان منحى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة منذ مارسا نفوذهما للإفراج عن العميل الإسرائيلي ـ الأميركي الجنسية عامر الفاخوري. هدفهما تعويم باسيل كمُرشّح للرئاسة الأولى، بعد انتكاس موقعه جرّاء تركيز انتفاضة 17 تشرين الأول على مسؤوليته عن تدهور الوضع الإقتصادي، وبسبب فرط التسوية مع زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري. هذا فضلاً عن الرغبة في تجنيب باسيل أي عقوبات، كواحد من الحلفاء الذين لوّحت واشنطن بفرضها عليهم. كان “الحزب” يأمل في إنهاء القضية من دون التضحية بالمازح.
رئيس الحكومة وحده تقدّم الصفوف، بالتناغم مع معركة “الحزب” ضدّ شيا، بكلامه عن “مُمارسات ديبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية تجاوزت كل مألوف”. لم يكتفِ دياب بذلك، فلبّى طلب “الحزب” بالإستدارة شرقاً، للحصول على تمويل صيني لمشاريع، مُقابل امتناع واشنطن وحلفائها العرب والغربيين عن ذلك، طالما “الحزب” يتحكّم بقرارات الحكومة. هذا مع أنّ خصومه يعتبرون اللقاء مع السفير الصيني استعراضياً، لأنّ للشركات الصينية شروطاً قاسية للعمل في لبنان، وأن بكّين لن تُغامر بالخضوع لمزيد من العقوبات الأميركية وفي لبنان.
من الاختبارات التي سيخضع لها عون ودياب، مدى تناغمهما مع إرسال إيران سفناً مُحمّلة بالمحروقات والمواد الغذائية إلى لبنان. وفي وقت تردّد أنّ “الحزب” أبلغ الى الرئيسين عون ودياب بقرب قدوم هذه السفن، وأن طهران قبلت الحصول على الثمن بالليرة، فإنّ الوزراء المعنيين نفوا تلقّي أي رسالة رسمية من السلطات الإيرانية في هذا الشأن. لكن سيكون على عون ودياب تحدّي التجاوب أم لا، في شأن الإذن الرسمي لرسو هذه السفن، الخاضعة للعقوبات منذ نقلها المحروقات إلى فنزويلا، في مرفأ بيروت أو أي مرفأ لبناني. وإذا رست في مرفأ اللاذقية أو طرطوس، سيكون على حكومة لبنان التعامل مع نقل بضائعها إليه عبر المعابر البرّية، سواء كانت الشرعية أم غير الشرعية، مع ما يعنيه ذلك من تكريس التعامل الرسمي مع المعابر غير الشرعية و”تشريعها” بالقوّة، باسم الحؤول دون “تجويع” اللبنانيين، في وقت يُراقب المجتمع الدولي مدى جدّية الحكومة في وقف التهريب من هذه المعابر، كواحد من الإصلاحات التي يشترطها.