Site icon IMLebanon

علاقة الفساد بالمِحور

 

عندما يسأل من يسأل عن علاقة الإنهيار الإقتصادي بسلاح “حزب الله”، وهيمنة إيران على القرار اللبناني، لا يرى الصورة الشاملة لواقع الأمر، وتحديداً عندما يستفيض، مُعتبراً أنّ نزع السلاح غير الشرعي لن يُنقذ لبنان من الفساد، ولن يؤمّن الرغيف والدواء والمدرسة لغالبية الشعب اللبناني الذي انزلق الى ما تحت خطّ الفقر، والى عتمة لا قرار لها.

 

وعندما يُتَّهَم بالخيانة من يُطالب بالحياد، كخطوة أولى لتحرير الشرعية اللبنانية، وإعادة لبنان الى الشرعيتين العربية الدولية، فقط لأنّ هذا المطلب لا يُتَرْجَم الّا برفع الهيمنة الإيرانية، التي تسرح وتمرح بفضل “حزب الله”، الذي يُسيطر على مفاصل البلد، ومن ضمنها مافيات الفساد.

 

صحيح أنّ هذا الفساد مُتجذّر في ربوعنا، حتى أنّ البعض يعتبره مُتداخلاً في نسيج النفس البشرية اللبنانية، ومُعشعِشاً في القطاعات العامة والخاصة من كعب الدرج الى رأسه. لكنّ الصحيح أيضاً، أنّ هناك من عمل على برمجته وهيكلته وتوظيفه، ليخدم المشروع الأكبر لرأس مِحور المُمانعة، حتّى لو كان الثمن لبنان، بما فيه، ومن فيه.

 

والفساد درجات، يبدأ بثمن فنجان قهوة، ولا ينتهي بأرصدة ويخوت وطائرات خاصة. وهو يحتاج الى حماية والى تسهيلات. بعبارة أوضح، يحتاج الى نظام أمني مُخترق، والى نظام قضائي مُفخّخ.

 

وهذا ما دأب عليه “حزب الله”، وتحديداً بعد انحسار الإحتلال السوري، ليتسلّل الى كلّ مرافق الدولة ويُمسِك بمفاصلها، من المرفأ الى المطار الى المعابر الشرعية وغير الشرعية، الى الإتّصالات وشبكاته الخارجة عن الدولة، الى وسائل الرصد والتنصّت، الى ترويض من يجب ترويضه، وتجنيد من يجب تجنيده، أينما كان، وكيفما كان، بالترهيب والترغيب.. الى.. الى..

 

والأهمّ، انه اخترق مؤسسات الدولة بدِقّة وعناية، وحرص على دراسة شاملة كاملة لِما يدور في لبنان على كافة المستويات، بحيث لا يفلت من بين يديه أيّ خيط لأيّ ملفّ، ولا يغفل عن أي تفصيل، مهما كان صغيراً.

 

وليس صُدفة انهيار القطاعات الحيوية، بدءاً بالقطاع المصرفي، ومروراً بالقطاع الإستشفائي، وليس إنتهاءً بالقطاع التربوي. وليس صحيحاً أنّ العلّة كامنة فقط في من يتمّ توجيه السِهام إليهم وشيطنتهم. الأمر أكبر بكثير، والحال التي وصلنا إليها لا تحتاج الّا الى بصيرة.

 

ومُقابل هذه الصدفة، تعيش مافيات الفساد والتهريب والإجرام بحقّ الوطن عصرها الذهبي، في غياب أيّ قدرة للدولة على مُساءلة الرؤوس الكبيرة، والإكتفاء بمُلاحقة صِغار الهوام، مِمّن يُمكن التضحية بهم.

 

ومُقابل هذه الصدفة، تتواصل بسلاسة عمليات نهب كل ما هو مدعوم لتهريبه، في استكمال استثمار ما تبقّى من مُقتدرات الدولة ليخدم المصلحة العُليا للمِحور. والعلاقات وثيقة بين المافيات وحُماتِها، لا تشوبها شوائب الطائفية أو الخِلاف العقائدي، أو أي عثرة يُمكن أن تُعرقلها.

 

وبعد، ألا يبدو السؤال ساذجاً أو مُغرضاً، عندما يربط تطبيق القرارات الدولية والدستور اللبناني والحياد الإيجابي، بضرورة رفع هيمنة إيران عن لبنان، عبر ذِراعها الأقوى؟؟