Site icon IMLebanon

تراجع ترامب يزيد مخاطر الحرب

 

 

لا «حزب الله» يريد الحرب، ولا إيران ولا إسرائيل تريدانها.

 

كورونا تحاصر الجميع، والتداعيات الاقتصادية والعقوبات من شأنها أن تفرمل أي قدرة أو اندفاعة أو حماسة لاتخاذ قرارات استراتيجية تخلط الأوراق في المنطقة، وبالتالي، تُبنى حسابات الردود العسكرية بـ«ميزان الجوهرجي» وليس بموازين القوى.

 

مهزلة السيناريو الوهمي الاسرائيلي عن اختراق مجموعة من «حزب الله» الخط الازرق الى داخل اسرائيل، من دون تقديم اي دليل، خصوصاً وأنّ الاسرائيليين، كما «حزب الله»، يصوّرون اي تحرّك على الحدود بواسطة كاميرات ثابتة وطائرات «الدرون» الإستطلاعية ومصورين عسكريين ميدانيين، أثارت ردود فعل واسعة داخل اسرائيل، ووضعت رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في زاوية حرجة، يُخشى أن يهرب الى الامام بعمل تصعيدي للخروج منها.

 

هذه المسرحية لن تغيّر في قواعد الاشتباك، كما انّها لن تمنع «حزب الله» من ردٍّ دَرَسه وأعدّ له، وهو يرصد ميدانياً الفرصة لتنفيذه، بما يتناسب مع حجم الهدف وجغرافية العملية، بحيث لا يؤدي الردّ الى ردّ اسرائيلي أكبر وتصعيد عسكري ومواجهة مفتوحة.

 

ومن الواضح أنّ الآلة العسكرية الاسرائيلية ايضاً لا تريد التصعيد، وقد بعثت برسائل علنية، أنّها لم تكن تستهدف عنصر «حزب الله» في غاراتها على ما سمّته مستودع أسلحة ايرانية في دمشق. لكن الحسابات السياسية في هذه المرحلة الحسّاسة قد تقلب الأمور رأساً على عقب.

 

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الاميركية أكثر فأكثر، تحاول كل دولة (ايران ودول خليجية وروسيا وتركيا واسرائيل) استغلال ما بقي من وقت لتحقيق مكاسب ميدانية، من اليمن الى سوريا والعراق وليبيا ولبنان.

 

إيران المُحاصرة تترقّب فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن، الذي يسبق حالياً الرئيس دونالد ترامب في استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الاميركية، متأملة في إعادة ترتيب الفوضى التي أحدثها ترامب، بإلغائه الاتفاق النووي مع طهران وتشديده العقوبات عليها، وبالتالي، لا ترى إيران مصلحة لها ولا لـ«حزب الله» بالحرب مع اسرائيل، وهي اساساً تعاني من أزمة مالية واقتصادية حادّة.

 

لكنّ رئيس الوزراء الاسرائيلي المأزوم، قد تكون له حسابات معاكسة. فكلّما أظهرت استطلاعات الرأي تقدّم بايدن، تعزّزت احتمالات الخيار الحربي الاسرائيلي. وهذا ما يعرفه «حزب الله» ويبني عليه ردّه العسكري أو الأمني المتوقع في إطار قواعد الإشتباك المعمول بها، بعيداً من إعطاء نتنياهو أي ذريعة لإشعال مواجهة واسعة.

 

هل تلتزم إسرائيل وإيران ومعهما «حزب الله» قواعد الإشتباك المحدودة، أم أنّ الحسابات تقود الى مآسٍ بعد مآسٍ لم يعد لبنان يتحمّلها؟.