Site icon IMLebanon

خطاب الإرهاب بمواجهة حمَلة المكانس

 

دقّت جريمة تفجير مرفأ بيروت جرس إنذار أقلق مِحور إيران وأتباعها. ليس بسبب تدفّق الوفود الأجنبية على لبنان بسياسييها وخبرائها وجنودها وبوارجها، ولكن بسبب الإنصهار الشعبي الذي أعلن إستغناءه عن هذه المنظومة الفاسقة والفاسدة، وعن المؤسسات التي تسيطر عليها.

 

فقد نزل اللبنانيون من دون أمر عمليات أو فتوى شرعية، إنطلاقاً من حسٍّ إنساني ومسؤولية مواطنية في غياب الدولة.

 

لم يُميّزوا بين طائفة او طبقة إجتماعية أو عمر. فتحوا بيوتهم لإحتضان بعضهم البعض، ومن يستطيع أن يمشي، حَمَل مكنسة ونزل ليساعد المنكوبين. فخاف أتباع المِحور الإيراني من حمَلة المكانس وإحتمال انتقال مستوى الإنصهار الشعبي في الإغاثة الى السياسة، لا سيّما بعد كسر الخوف وتعليق المشانق.

 

والأمر جلل. فمن لا يجرؤ على النزول الى الشارع والتجوّل وسط الناس، لا يستطيع أن يُجري انتخابات ويُزوِّر ويسيطر على الأكثرية النيابية.

 

بالتالي، كل ما سبق صار رماداً وسقطت الأقنعة. وبات ثانوياً إنتقال مسيرة “حزب الله” من “لو كنت أعلم” الى “ما كنت أعلم”، كذلك، ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة”.

 

لذا، كانت الخطبة العصماء التي برّرت إلغاء إحتفالات النصر الإلهي بتفشّي فيروس “كورونا”، وكان استبعاد إسرائيل، وإذا تبيّن أنها مسؤولة عن إنفجار المرفأ، فالردّ لن يتجاوز تأثير “المفرقعات” في إستعراض بصري لم يعد مُبتكراً.

 

بالتالي، أُعطيت التعليمة بأن يتوجّه عمل التحقيق والمحاسبة القضائية لتكريس فرضيتين، وعلى اللبنانيين الذين تجاهلوا كل التحريض الطائفي المبرمج والمُمهنج لأتباع المِحور قبل “17 تشرين” وخلالها وبعدها، أن يختاروا بين الفرضيتين.

 

فإذا تخلّوا عن مؤامرتهم لإسقاط ميشال عون والمجلس النيابي، وانصاعوا لبقاء المنظومة المحكومة بإيران ووصايتها، تأتي نتائج التحقيقات “مفرقعات” وإهمال ومعاقبة من يُمكن التضحية بهم من الأتباع.

 

أمّا إذا حسب المتآمرون، بعد هذا “الحادث” العرضي، أن بإمكانهم أن يغتنموا الفرصة لتحقيق حلمهم بوطن خالٍ من دنس هذه المنظومة وراعيها الإقليمي، حينها سيصار الى “تدعيش” الإنفجار.. وهاتِ على أحكام عرفية وزرع الفتنة بحرفية.

 

في هذا الإطار، جاءت مطالبة البيئة الحاضنة “الغاضبين المرابطين المحتسبين”، بأن يصونوا غضبهم لإستخدامه عندما يجب، ليس بمواجهة إسرائيل، ولكن بمواجهة المؤامرة الداخلية، والتصرّف وفق إحتمالات الحرب الأهلية الطالعة من فرضيات نصرالله.

 

تغيّرت الأولويات. فالمِحور وأتباعه قادرون على المفاصلة إقليمياً ودولياً، لكنهّم بدأوا يشعرون بتسرّب هذا الداخل من بين أيديهم، ويتوجّسون من قدرته على التغيير إذا واصل “مؤامرته” على المنظومة التي تتآمر عليه.

 

وبين غضب “أشرف الناس” و”ليبق رأسكم مرفوعاً.. إنكم تيارٌ وما حدا بيأكل راسكم”، تمسّك الخائفون بحبل غير سرّي. وأغدقت الوعود بأن ترجّح الكفة بعد الإتفاق الأميركي ـ الإيراني المرتقب. وحينها من يتنمّر علينا اليوم سيسعى بعد حفلة تبويس اللحى الإقليمية ـ الدولية، الى “غبرة رضانا” لأنّنا كنّا الأشطر في تحالفاتنا..

 

وفي الإنتظار، إعتصم الخائفون بالمِحور، ولم يتهاونوا، اذ لا يُمكن المراهنة في هذه المرحلة الحرجة إلّا على الإرهاب في الخطاب وعلى شدّ العصب، هذا إن بقي عصب ليشدّه أتباع المِحور، من خلال التقاطع بين فرضيات حسن نصرالله وبكائيات جبران باسيل.