مصطفى أديب من بعبدا: نحن في مرحلة التشاور مع الرئيس عون «وانشالله خير» لبنان أمام أزمة تشكيل حكومة تتمكّن من الإمساك بزمام الأمور، وهذا سيكون صعباً جدّاً، لأنّ السياسيّين منشغلين في محاربة تشكيل هذه الحكومة، غير آبهين بأهميّة الوقت بالنسبة للبلد وأزماته والخراب الذي حلّ بعاصمته، والصورة تظهّرت أمس بوضوح «هنّي ذاتن ما غيرن» الثنائيّة الشيعيّة ومعها العونيّة الرئاسيّة بمنتهى الوضوح يتصارعون على الحقائب السيادية وشبه السيادية، وهذا ما شاهدناه في الصراع على التشكيل في كلّ حكومات هذا العهد، «الثلث المعطّل» لعبة تعلّمها العونيون من حزب الله واستساغوا لعبها منذ وقف وزراء التيار العوني ليطيحوا بحكومة الرئيس سعد الحريري على باب البيت الأبيض الأميركي وقبل دقائق من لقاء الرئيس الأميركي باراك اوباما، «استدوق الجماعة وما عادوا يذوقوا ولا يحسّوا على دمّن»!!
لن يكون الوصول سهلاً إلى حكومة تكنوقراط ولا حكومة تكنوسياسيّة ولا حكومة أخصائيّين، صدّقونا كلّ الحكومات مصيرها الفشل في إدارة البلاد، هناك في الظلّ ويريد أن يظلّ ممسكاً بزمام الصلاحيات مهما كلّف الأمر لبنان حزب الله ماضٍ في لعبته المميته تاركاً للتيار العوني أن يلعب في الوقت الضائع، ومجدّداً سيجد اللبنانيون أنفسهم أمام أحاديث مملّة عن حكومة إنقاذ مزعومة فاشلة برعاية مسيو إيمانويل ماكرون، ومجدداً سينفجر اللبنانيّون الذين رمى بهم تفجير المرفأ على قارعة الشوارع المدمرة بلا منازل والهدم احتاج دقائق والإعمار يحتاج سنوات ولكن حتى اليوم لم نعرف بعد من الذي سيعمّر؟ لا نعرف!! وكلّ الكلام عن الدعم الدولي لإنقاذ الشعب اللبناني ومناطقه المدمّرة وكل المساعدات كان اللبنانيّون بغنىً، وكانوا بغنىً عن حال الذلّ غير المسبوق في تاريخ اللبنانيين منذ الحرب الأهلية وحتى اليوم، نحن في نكبة وهم يتشاجرون على الحقائب الوزاريّة، وستكتشف لاحقاً دول العالم أنّنا وكر الشياطين المعشّش في لبنان سيظل يتعهّر في التقاتل على الحصص تاركين لبنان يلفظ النفس الأخير!
المتحكّم بلبنان هو الحاكم الفعلي له، وحزب الله لا يستتر وهو يعلن أنّه لن يقف متفرّجاً إن تعرّضت إيران لأي ضربة عسكريّة، وفي هذا إجابة شافية كافية ووافية حول «حاكم» لبنان الحقيقي، وللمناسبة هذه المظاهر السياسية لشبه الدولة اللبنانيّة قائمة ومستمرّة لأنّ حزب الله لا يزال محتاجاً إلى «هيئتها» الخارجيّة التي يختبىء خلفها حتى الآن، ويشكّل ظهورها الدائم في الصورة سقفاً يلطى الحزب تحته، إلى أن تحين ساعة الصفر، ولا يعود هناك من حاجة لهذا المظهر إذ يكون قد حان موعد ظهور حزب الله بحلّته «الحاكمة» الجديدة!
من المؤسف أنّ الدّولة تخاف من مصارحة العالم أو على الأقلّ تعترف بالحقيقة التي تحذّرها منها دول العالم وبأنّ قرارها أصبح في يد حزب الله، ويكابر المعنيّون بتمثيل الدولة ولبنان الرسمي ويحاولون إقناع العالم بعكس ذلك، وهذا واحد من أكبر أزمات لبنان، لو تعترف الدّولة بأنّ أقصى ما تقدر عليه هو تصريف يومي للأعمال كما في أيام الحرب، لكانت ارتاحت وأراحت، ولكن لا تزال تكابر وتدّعي أنّها هي التي تحكم لبنان!
نتمنّى أن يبقى الرئيس المكلّف قادراً على ترديد «إن شالله خير» الشعب اللبناني كلّه يعرف ما الذي ينتظره وحده فقط يعتقد أنّ طريقه مفروش بفرحة عمره من دون أن ينتبه أنّ الحكاية لا تعدو كونها ما قاله مثل أجدادنا: «من برّا رخام ومن برّا سخام»!