Site icon IMLebanon

“آرتش” و”معمار” أعطتا “حزب الله” مفاتيح الدولة…

 

أظهرت العقوبات الأميركية الأخيرة على شركتي “آرش” للاستشارات الهندسية و”معمار” للهندسة والإنماء، بشكل جليّ وواضح، حجم تمدد “حزب الله” في لبنان وسيطرته المُحكمة على البُنى التحتية للبلاد، وتعامله الممنهج مع وزاراته، وتغلغله في مجال المقاولات في القطاعين العام والخاص. نجح “حزب الله” في تدوير نفسه قوة عابرة للسياسة، متموضعاً خلف “قناع الشركات المرخصة والمصنفة وفقاً للقوانين مرعية الإجراء”، فحصل عبر مؤسساته على تمويل لمشاريع من الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وثناء منهما.

 

وخلافاً لمراكز القوى القديمة التي احتكمت لثقلها الإقطاعي والعشائري، يبدو ساطعاً اعتماد الثنائي الشيعي على الممارسات “الأمنوقراطية” وفرض النفوذ السياسي من جهة، والإندساس في كل مؤسسات الدولة من بلدياتها حتى وزاراتها وفي أي موقع حساس من جهة أخرى. فهل ستستطيع العقوبات الأميركية تجفيف منابع تمويل “حزب الله” وكسر فائض قوته بدءاً من إنجاح المبادرة الفرنسية؟ ومن هو سلطان خليفة أسعد وما الذي يجمع بين الشركتين المُعاقبتين؟

 

عقود “معمار” مع UN وEU

 

أكدت مصادر أميركية على اطلاع مباشر بقانوني قيصر وماغنتسكي لـ”نداء الوطن” أن شركتي “آرش” للاستشارات الهندسية و”معمار” للهندسة والإنماء المعاقبتين حالياً، قد “حصلتا في السنوات الماضية على شرعية مؤسساتية وشهادات من وزارات لبنانية مختلفة تضمن لهما الحماية، وتوفر لهما صلاحيات لممارسة سلطة مفتوحة ومن غير رقيب، وتجعل منهما قوةً موازية للبلديات، ضامنة من خلالها للحزب التابعتين له سياسياً السيطرة والهيمنة المباشرة على الجنوب، والبقاع، والضاحية الجنوبية بشكل خاص وتروج فيها أهدافها”. وبحسب المصدر “فازت شركات “حزب الله” العديدة، بعقود حكومية عديدة، بلا مناقصات أُبرمت بالتراضي على طاولة تقاسم الأرباح، في وزارات الثنائي الشيعي وحلفائهما أي المردة والتيار الوطني الحر وتعاون وزرائهم مما استنزف مالية الوزارات وأعطت لـ”حزب الله” مفاتيح الدولة و”الداتا” الكافية له للسيطرة”.

 

كما أوضح المصدر أنه “قد مُنحت شركة معمار للهندسة والإنماء، في السنوات الست الأخيرة، أكثر من 27 عقداً بتمويل من الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي كان منها “في مناطق لا يسيطر عليها “حزب الله” ولكن تعطي الحزب “كل “داتا” المعلومات التي يمكن أن يستخدمها عن تلك البلدات، ويدخلها من الباب الواسع إلى الخرائط البلدية والبنى التحتية، مما يعزز من تغلغل “حزب الله” في نقاط القوة في تلك المناطق والبلدات، كمن يُكمل ما كشفه السنيورة قبيل أحداث 7 أيار 2008 من تمديدات لشبكة اتصالات خاصة بـ”حزب الله” لدويلة تتحكم بالدولة وتتنصت على عشرات آلاف المواقع فيها”.

 

وأبلغنا على سبيل المثال لا الحصر كيف “وصلت شركة “حزب الله” “معمار” لزحلة، في عقد مع الـUNDP ربحته في 26 شباط 2015 تحت عنوان توفير الأشغال المدنية لتأهيل مدرسة تربل المتوسطة الرسمية زحلة وبلغت قيمته 197 ألف دولار أميركي. كما قامت بإنشاء وإعادة تأهيل خطوط الصرف الصحي في حارة صيدا بعقد مولته الـUNICEF وربحته بتاريخ 17 نيسان 2015 وبقيمة 297 ألفاً و681 دولاراً أميركياً. كما أنها وفي قضاء جزين، ربحت عقداً بتاريخ 5 أيار 2015 مولته الـ UNICEF لتركيب شبكة مياه الشرب في الريحان بقيمة 96 ألفاً و201 دولار أميركي. كما مُنحت في 5 حزيران 2015 عقداً قيمته 83 ألفاً و994 دولاراً أميركياً مولته Monaco and LRF لتوفير الأشغال المدنية لإنشاء مركز الرعاية الصحية الأولية في بلدية المريجة في برج البراجنة. ليَليه بتاريخ 22 تموز 2015 عقد بقيمة 159 ألفاً و824 دولاراً أميركياً لتوفير الأشغال المدنية لبناء مرفق رياضي في تربل زحلة، وبتاريخ 30 تموز 2015 منحت KFW Germany معمار عقداً بقيمة 83 ألفاً و480 دولاراً أميركياً لبناء ملعب كرة قدم صغير في قرية الصويري في البقاع”.

 

وأكمل: “بتاريخ 6 كانون الثاني 2016 مُنحت عقداً بقيمة 138 ألفاً و258 دولاراً أميركياً مولته DFID لتوفير الأعمال المدنية لإنشاء خزان مياه مرتفع في بلدة الخرايب. وبما أنه من غير الواضح أنها شركة تابعة لـ”حزب الله”، فقد نجحت حتى بالحصول على عقد موّلته جهة مانحة أميركية كان لتوفير أشغال لتهذيب الحديقة العامة في برج حمود وقد ربحتها “معمار” بتاريخ 25 كانون الثاني وبقيمة 87 ألفاً و136 دولاراً أميركياً. وبنفس التاريخ، ربحت عقداً آخر بقيمة 219 ألفاً و 809 دولارات مولته DFID لتوفير الأشغال المدنية لتولي ترميم المدرسة العامة، إلى جانب الأعمال الكهروميكانيكية في منطقة الناعمة. كما ربحت في نفس العام، عقدين لتوفير الأشغال المدنية لتنفيذ إنشاء ملعبين مصغرين لكرة القدم في منطقة عرمون، وعقدي توفير الأشغال المدنية لتنفيذ إنشاء حديقة عامة في منطقة برجا، وعقد توفير الأشغال المدنية لتنفيذ إنشاء ملعب عام في تعلبايا في البقاع وعقد توفير الأشغال المدنية لتنفيذ إنشاء خزان مياه جديد في لات وعقد توفير الأشغال المدنية للخط الرئيسي لمياه الشرب في بلدة خرايب في جنوب لبنان”.

 

أضف إلى ذلك “عقداً سنة 2019 وهو عبارة عن تأهيل وتجهيز مركز للتدريب المهني في إحدى المناطق، وعقوداً متنوعة سنة 2018 في مناطق متعددة كتأهيل مركز تدريب، توفير الأعمال المدنية لبناء ملعبي كرة قدم صغيرين، توفير الأشغال المدنية لإنشاء ملعب عام، توفير الأعمال المدنية لبناء حديقة عامة، توفير الأعمال المدنية لبناء خزان مياه جديد، توفير الأشغال المدنية لتنفيذ خط رئيسي جديد لمياه الشرب، توفير الأعمال المدنية لبناء مرفق رياضي، توفير الأعمال المدنية لإنشاء خزان مياه مرتفع، توفير الأشغال المدنية لترميم حديقة عامة وتجهيز أشغال مدنية لتولي ترميم مدرسة رسمية. أما في سنة 2017 فقد مُنحت عقدين يتمحوران حول إنشاء مرافق إدارة النفايات الصلبة في بعلبك وسرار عكار وجب جنين في 4 قطع”.

 

“آرش” وعلاقتها بالوزارات

 

منحت شركة “آرش للإستشارات والدراسات الهندسية” عقوداً حكومية عدة بآلاف الدولارات من وزارة الأشغال العامة والنقل عبر المديرية العامة للنقل البري والبحري في العديد من المشاريع وهو ما يطرح افتراضية “عدم فصل العقوبات على الوزير السابق فنيانوس والمعاون السياسي للرئيس بري النائب ووزير المال السابق علي حسن خليل”، لارتباطهما بشكل مباشر في تلزيم وتمويل مشاريع عامة لهذه الشركة المرتبطة بـ”حزب الله”.

 

ومن أهم مشاريع الطرقات والجسور التي منحت لشركة “آرش” كان تشييد جسر في عين بورداي في بريتال بـ2 مليون و300 ألف دولار بتمويل من البلدية، جسر عين العرب بقيمة 200 ألف دولار وتمويل من بلديتها، كما منحت عقد صيانة انارة شوارع بيروت من بلديتها بمليوني دولار بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية التي مولتها أيضاً لإعادة تأهيل طرق بلدية الشبانية، وبحمدون، وفالوغا، طرق بلدية القلعة كما مولت لهم إقتراح تصميم مركز المريجة الاجتماعي والرياضي.

 

علماً أنه وفي 20 تشرين الأول 2016 حصلت على إفادة تصنيف لصفقات الدروس المائية الجدول 3 – ب في الدرجة الأولى باستثناء السدود والأنفاق، واتت باسم المهندس وليد جابر وقامت بموجبها الشركة بحفر بئر البليدة بمبلغ 760 ألف دولار وحفر بئر الشهابية بمبلغ 120 ألف دولار وبئر الخيام 165 ألف دولار، بئر شقرا 125 ألف دولار كلها بتمويل من البلديات، وبإقامة محطة ضخ مياه الصرف الصحي في منطقة الاوزاعي بـ200 ألف دولار بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. والسؤال هنا هل ستطال العقوبات اللاحقة شخص وزير الطاقة آنذاك؟

 

ونشير أيضاً إلى أن شركة “آرتش” حصلت أيضاً على “درع تقديري (اليوبيل الفضي) لأفضل تصميم ودقة إشراف على مشروع مستشفى القلب التابع لمستشفى الرسول الأعظم الذي يديره “حزب الله” وقدمت تصميماً هندسياً لمستشفى الكوثر، كما أنها منحت من الـUNRWA عقوداً إستشارية لأنظمة الصرف الصحي في مخيم شاتيلا للاجئين وأنظمة الصرف الصحي في مخيم عين الحلوة. كما منحت من اتحاد بلديات بعلبك عقداً للتصميم والتخطيط العمراني لبلدات عدة، وعقد تنسيق حدائق من اتحاد بلدية غرب بعلبك، وقدمت استشارات حول مشاريع البنية التحتية والمناطق العامة لخزان المياه في دير قانون النهر وتصميم للبنية التحتية لشوارع الغبيري من بلديتها، ولتصميم مركز كونين الثقافي ولتصميم قصر بلدية الصعيدي، وتصميم نصب كسرنبا التذكاري، ونصب انتصار الهرمل”.شركات على اللائحة قريباً

 

وتضيف المصادر لـ”نداء الوطن” أن شركات أخرى ستُضاف إلى القائمة السوداء التي تختبئ في زواريب قطاع البناء والتطوير بغطاء مدني منها “جهاد البناء والفصول، الرائد، غلوبال وود، الهرمل للتطوير، نيو ترمينال، دار المنار، المائدة وسيف نت” وأخرى تعمل بغطاء مسيحي ستكشف مع أسماء رجال أعمال عاثوا فساداً ودعموا “حزب الله” في مخطط سيطرته على لبنان.

 

سلطان خليفة أسعد

 

اللافت في كل تلك المعلومات التي قدمها المصدر أن “حزب الله” لديه تقريباً خطط للبنية التحتية لكل لبنان بغض النظر عن نفوذه المباشر فيه، وبشكل يتناسب مع بنيته العسكرية التي تتدرب في الحروب التي فتحها خارج حدود البلاد. من جهة أخرى، شملت العقوبات اللبناني سلطان خليفة أسعد وهو مهندس مسجل في نقابة مهندسي بيروت تحت الرقم 8956 ومقيم في الحدت في حي الأميركان الصفير. كما أن أسعد هو مدير شركة “المعمار للهندسة والانماء ش.م.ل” المسجلة في نقابة مقاولي الاشغال العامة والبناء في لبنان تحت الرقم 941، وبحسب السجلات مقر الشركة في مبنى الهدى شارع المقداد الغبيري. وتشير معلومات إلى انه معاون رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله”، ومدير سابق لمؤسسة “جهاد البناء”، التي وبحسب موقعها الإلكتروني لديها ارتباطات وثيقة بعدة وزارات أهمها وزارات الزراعة والصحة والعمل.

 

بالمحصلة وفي هذا المناخ السياسي المفعم بالمفارقات، تبرز إشكالية خطيرة على رئيس الحكومة الحالي مصطفى أديب أن يتصدّى لمواجهتها، وهي استفحال الميليشيات في كل شيء. وإذ سبق لشعب لبنان، غير المؤهل للديموقراطية، حسب القائمين على استبداده، أن ثار، لكن هل ذلك يُعتبر كافياً؟