Site icon IMLebanon

المثالثة منذ 6 شباط 1984

 

صرخة البطريرك بشارة الراعي أمس الأحد ـالتي استنكرها المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وضعت الإصبع على الجرح وكشفت وجه العرقلة والمعرقلين أمام مبادرة الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون وتشكيل حكومة مَهمّة تنقذ لبنان من غرقه، كمواطنة عايشت الحرب اللبنانية وعاشتها توقّفت دائماً عند انقلاب 6 شباط العام 1984، مثلما توقفّت مبكّراً عند المثالثة المقنّعة أو الكاشفة سترها متى احتاج الأمر، لكنني لم أربط يوماً في ذهني أنّ المثالثة وتعطيل لبنان ووضع اليد عليه بدء منذ انقلاب 6 شباط العام 1984 منذ انقلبت الطائفة الشيعيّة على الجيش اللبناني وخرجت منه مشكّلة ما سُمّي باللواء السادس، منذ ذاك الوقت زرعت إيران بذور احتلال لبنان ووضع اليد عليه «طائفيّاً» وبالمعنى الحرفي للكلمة من باب المثالثة التي رسم ملامحها على اتفاق الطائف الاحتلال السوري الذي رفض الاتفاق في نصّه الأوّل فسارعت السعوديّة لإرضاء المحتلّ السوري فـأعطته نص الاتفاق ليضع عليه ملاحظته فكان أن حصلنا على هذا النصّ الـمُخَوْزَق!!

 

في تشرين الأول العام 1983 كانت إيران قد مكّنت لنفسها في لبنان منذ انشقاق في حركة أمل، وبدأ الصعود المدمّر للبنان، كلّ هذا كان تمهيداً للانقلاب على الصيغة اللبنانيّة، وبرعاية المحتل السوري وبعد انقلاب 6 شباط ارتفعت اللغة المذهبيّة والاعتداء على بيروت، حتى عندما تصالح اللبنانيون في الطائف، سحب اتفاق الطائف السلاح من «ناس وناس» نزولاً عند رغبة الاحتلال السوري وتركها  لما اصطلح على تسميته «مقاومة»، طوال سنوات الاحتلال بعد الطائف المسمّاة «وصاية» لم يكن «الثنائي الشيعي» يستطيع أن يزيح شعرة عن الخط الذي رسمه له الاحتلال، حتى الحروب التي اندلعت مع العدو الإسرائيلي كانت تندلع بحسب التوقيت السوري للضغط على الإسرائيلي منذ العام 1993 ومؤتمر مدريد، وفشلت هذه السياسة في تحقيق أي مكاسب لأنّ العدو الإسرائيلي قرّر أن يطبّق في لبنان سياسة الانسحاب من طرف واحد وهكذا كان صباح 25 أيار العام 2000، وأسقط في يد الاحتلال السوري والإيراني بعد وفاة الأسد الأب الناظم للتناقضات العربية والإيرانيّة الإسرائيليّة، وفرغ المشهد مع وريثه الفاشل بشار الأسد، لم يفهم تغيّر اللعبة في 11 أيلول 2001 وتغيّر المنطقة، أصبحت إيران الطريق المفتوح أمام الشيطان الأكبر إلى أفغانستان والعراق، والعربيّ كان غبيّاً جدّاً في تآمره على العراق خوفاً من صدام فهدم السدّ بينه وبين يأجوج ومأجوج الإيراني، وكان أن اجتاحت إيران المنطقة من «بوّابة لبنان العظيمة».

 

الآن، صالح الطائف اللبنانيين، ولكن المشروع الإيراني واضح «لبنان كان للشيعة» وحان وقت استرداده من الطوائف الأخرى، بعيد تصالح اللبنانيين خلال 21 يوماً من عمر رئاسة الرئيس المنتخب بشير الجميّل، وتوحّدهم بعد اغتياله، خلال الحرب الأهلية فشل أحمد الخطيب وغيره في مشروع ما سُمّي آنذاك «جيش لبنان العربي»، لم ينقسم الجيش جديّاً عن طريق خروج طائفة بكامل عديدها منه إلا بانقلاب 6 شباط 1986، وسيتكرّر هذا الانشقاق في اللحظة التي ترسل إيران أوامرها بذلك!!

 

ما يحدث أبعد بكثير من مسألة «توقيع» ووزارة الماليّة، والثلث المعطّل، ما يحدث تعطيل للبنان كفكرة وكيان وليس كدولة، ما يحدث وضع اليد على لبنان وتجميد الوضع فيه، إلى أن يأتي أوان قيام فرع الجمهورية الإيرانية على أرض لبنان وإلقائنا في البحر، ألم يهدد مرّة حسن نصرالله بهذا بعد حرب تموز؟!