IMLebanon

مفاوضات بـ”الكرباج”

 

أصبح الإطار جاهزاً وبقي تجهيز الوثيقة لتوضع بمضمونها داخله، وفي احتفال مهيب يعلّق على جدار التاريخ اللبناني.

 

بالطبع، لن يكون المضمون شعار “الموت لأميركا… الموت لإسرائيل”.

 

تظهَّرت الصورة بعد جهود إستمرت عشرة أعوام، ليتم الإعلان عن الإطار في عز حشرة نقلت اللبنانيين الى جنهم لم يكتووا بنار كنارها منذ أيام الفينيقيين.

 

فقد أينعت جهود أحد قطبي الثنائي الشيعي الذي يعمل بالتكافل والتضامن والإلتزام بقطبه الثاني في كل الملفات، والذي أعطى الضوء الأخضر لإنطلاق المباحثات بين لبنان وإسرائيل من الناقورة بوساطة الولايات المتحدة ورعاية الأمم المتحدة.

 

واضح ان المفاوضات على ترسيم الحدود لم تأت من خلفية مريحة لـ”حزب الله” مهما حاول أن يكابر. تفجير المرفأ وعين قانا وخرائط نتنياهو، كلها لم تكن وليدة اهمال او تلحيم عشوائي أو.. أو..

 

ووسائل الضغط لا تزال كثيرة. وكأن من يهندسها يحمل كرباجاً يضبط إيقاعه وفق مقتضيات المرحلة الإقليمية… على ما يبدو.

 

العقوبات والانهيار الاقتصادي… لا مازوت… لا دواء ولا أمن… لا شيء الا الجوع والفوضى والمصير المجهول… وفي المقابل ترسيم حدود لبلد ساقط مفلس مع العدو الإسرائيلي الغاشم الذي يعيش انفتاحاً وازدهاراً إقتصادياً. ويستفيد من تفليستنا على أوسع نطاق.

 

وفي المقابل، أيضاً وأيضاً، هيمنة المشغِّل الإيراني وإمعانه في السيطرة على القرار اللبناني وفرض رفضه لكل ما يخالف مصلحته، بمعزل عن الخطابات النارية الكرتونية عن العدو المأزوم ومعاناته… وعمر لبنان ما يرجع ومعه “الحزب” ربما، اذا ما انتفت الحاجة الى خدماته.

 

وفي المقابل، أيضاً وأيضاً، عمليات نهب مبرمج أوصلت اللبنانيين الى مرحلة تجعلهم حاضرين للتحالف مع كل شياطين العالم لينجوا بأنفسهم من النار التي تكويهم، ولا مانع لديهم من نثر الورود والرياحين على من يخلصهم، لذا كانت مناشدة بعودة الإنتداب كشرط لكسر هذه المنظومة التي تتحكم بهم ويتحكم بها “كفاح مسلح” حاضر ليشوي البلاد على نار حامية.

 

في المفاوضات لترسيم الحدود، موقف لبنان واحد وجميع القوى متوافقة على حق لبنان لا أكثر ولا أقل. أما القدس وتحريرها والصلاة في المسجد الأقصى، سواء عبر طريق صنعاء أو بغداد أو حلب او القصير او… أو… فهي شعارات للإستهلاك الداخلي المحلي… أو لزعزعة إستقرار دول وفق المخططات التوسعية للمشغِّل الإقليمي بما يخدمه ويخدم من يناصبه العداء في الظاهر… ويتقاطع وإياه في كثير من المصالح ضمناً.

 

بالتالي، ربما ليست صدفة أن يكون الشيطان الأكبر هو الوسيط، وأن يترنم ديفيد شينكر بلفظة “الناقورة” مستمتعاً، وكأنه يتخيل زرقة المياه وصفاءها هناك، حيث سيرابط ليقود المفاوضات. فقد تبلورت نتائج الكرباج وإيقاعاته. ويمكن للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يكتفي بحفلات موسيقية داعمة للبنان. أما أن يطالب أتباع المحور بالتخلي طوعاً عن اعتناق الفساد والنهب وتشكيل حكومة مهمة فهذه، لعمري، سذاجة سياسية لا تؤدي المطلوب.

 

المطلوب هو تحويل لبنان الى غزة مع توقيع واعتراف وتطبيع… شرط بقاء منظومة الفساد ومن يتحكم بها.

 

فالشيطان الأكبر يجيد ضبط إيقاع الكرباج لمصلحة إسرائيل… وفقط لمصلحة إسرائيل…