Site icon IMLebanon

“حزب الله” يلوم باسيل ولا يغادر “التفاهم”

 

عادت العلاقة بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» الى دائرة الضوء والاجتهاد، وإنما هذه المرة من زاوية الاهتزاز الذي أصابها، بعد التفاوت الحاد في نظرة كل منهما الى بنية الوفد اللبناني المكلّف بالتفاوض غير المباشر مع العدو الاسرائيلي.

منذ ان انفجر الخلاف بين حركة «امل» و»حزب الله» من جهة والرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل من جهة أخرى، حول تركيبة الوفد الى مفاوضات ترسيم الحدود، طُرحت تساؤلات في شأن مصير تفاهم مار مخايل وتحالف الحزب و»التيار الحر». فهل بدأ العد التنازلي لهذه العلاقة، ام انّها صامدة؟

 

بدا «التيار» حريصاً عبر البيان الاخير لمجلسه السياسي، على التأكيد أنّ تفاهم مار مخايل سيبقى عاملاً اساسياً من عوامل قوة لبنان، مشيراً الى انّ هناك محاولات يائسة لإحداث فراق سياسي بين «التيار» و»حزب الله».

 

لكن موقف ميرنا الشالوحي المتمسّك بمعادلة التفاهم مع حارة حريك، من دون تجاهل وجود مسائل غير مُتفق عليها، لا يلغي حقيقة انّ الخلاف الذي وقع بين الطرفين على تركيبة الوفد المفاوض، لا يشبه سواه من التباينات، وهو قد يكون الاعمق والأكبر منذ إبرام اتفاق مار مخايل.

 

وهناك في الاوساط القريبة من «حزب الله»، من يذهب إلى حدّ القول بأنّ قيادة «التيار» ارتكبت «فاول» في منطقة الجزاء، عبر اصرارها على ضمّ مدنيين الى عضوية الوفد، من دون أن تكون هناك أي جدوى لوجودهم.

 

بالنسبة إلى الحزب، لا هامش للمناورة ولا مجال لمسايرة احد، حتى الحليف، عندما يتعلق الامر بالملف الاسرائيلي. وهو اذا كان قد اكتفى في العلن بـ«بيان الفجر» الشهير، ليعكس اعتراضه وحركة «امل» على طريقة تشكيل الوفد، الّا انّه في الكواليس يلوم باسيل، اكثر من عون، على ما حصل نتيجة عدم تجاوبه مع كل المساعي التي بُذلت لإقناعه بضرورة عدم انتداب مدنيين الى الوفد وحصره في الضباط العسكريين، «اما وانك كنت مصراً على توسيعه، فلماذا لم تستعن بضباط متقاعدين على سبيل المثال، حتى لا يعطي لبنان اي إشارة ملتبسة الى الاسرائيلي.» وفق ما تتساءل اوساط الثنائي الشيعي.

 

من زاوية «حزب الله»، لم يكن جائزاً ولا مفيداً ان يذهب وفد رسمي الى «حلبة الناقورة» للتفاوض بإسم كل لبنان، فيما هناك نزاع على نسيجه مع المكون الشيعي ورئيس حكومة تصريف الأعمال السنّي وآخرين.

 

ومع ذلك، لم يتراجع باسيل عن اختياراته وايضاً قصر بعبدا، الامر الذي اعتبرته قيادة الحزب تجاهلاً من قِبل الحليف الأساسي لمعادلات دقيقة ولثوابت المقاومة، في قضية استراتيجية تعني لها الكثير بكل المعايير، وتقع في أعلى سلم أولوياتها واهتماماتها.

 

وموقف الحزب المتشدّد حيال قواعد مقاربة اختبار الناقورة، انما يرتكز على تجربته في التفاوض غير المباشر مع تل أبيب، وخبرته في التكتيكات التي تستخدمها والنيات التي تضمرها، وبالتالي، فهو يعتبر نفسه في موقع يسمح له بالتحذير من اي استخفاف بالضوابط التي تمنع الانزلاق فوق قشور الموز الإسرائيلية، خصوصاً انّه نجح على طريقته في تفادي افخاخ التفاوض غير المباشر، وبالتالي انتزاع مكاسب نوعية أبرزها تحرير الأسرى.

 

وبناءً على دقة هذا الملف، يوضح العارفون، انّ ما جرى من قفز فوق اعتراضات «الثنائي» انما تسبب في شرخ بين الحزب والتيار، لا تزال مفاعيله مستمرة، ولو ضمن حدود مضبوطة بقرار من الطرفين.

 

لكن، وعلى الرغم من انّ «حزب الله» يشعر بأنّ حليفه البرتقالي خذله في بدايات المعركة السياسية مع إسرائيل حول تثبيت الحدود البحرية للبنان، الّا انّ احد قياديي الحزب يشدّد على أنّ ذلك لا يعني انّ تفاهم مار مخايل سقط، وانّ دوره كصمام امان انتهى، مشيراً الى انّ كل التباينات مع التيار، ومهما اشتدت، «يجب أن تبقى تحت السيطرة وتحت سقف استمرار التحالف على قاعدة اننا لسنا تنظيماً واحداً بل لكل منا خصوصيته».