Site icon IMLebanon

“حزب الله”… ما بعد بعد المفاوضات والعقوبات!

 

يبدو ان هامش المناورة السياسية، كما العسكرية، بدأ يضيق لدى “حزب الله” الى حد التلاشي فالإنعدام. وسواء اعترف “الحزب” بذلك ام لا، فإن “ما بعد بعد” المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية لترسيم الحدود تحت نظره و”مباركته” لن تكون كما قبلها، وبالتالي فإن عليه أن يغيّر عملياً “قواعد الإشتباك” وتعديلها من طرف واحد تبعاً للتطورات التي اسقطت عنه أيضاً مقولة “شاء من شاء وأبى من أبى”! والإشارات كانت في المواقف الفرنسية المنتقدة مباشرة لـ”الحزب” في معرض محاولته الحثيثة للإلتفاف عليها وتفصيلها على قياسه، رافضاً ان يكون “low profile، أو الأميركية الأخيرة عالية اللهجة تجاه الطبقة السياسية عموماً و “حزب الله” خصوصاً كمكون علني يجهض ولادة اي حكومة فاعلة، وصولاً إلى العقوبات على “عماده المسيحي” صهر العهد وسنده جبران باسيل.

 

ولعل نزع فتائل الفوضى والحرب وضروب الممانعة ومحورها وشرها، يحشر “حزب الله” في الزاوية ويجعله “يتفنن” في تدوير الزوايا “خارجياً”، ويُخشى ما يُخشى، وقد لاح نذيره السيئ ان “يفش خلقه” باللبنانيين ويصرف فائض قوته عبر “السلبطة” على اقتصادهم ومواردهم ولقمة عيشهم… ولعبة البترودولار بين لبنان وسوريا أحد أبشع تجلياتها!

 

في عملية الالتفاف على المبادرة الفرنسية، لم تخف احزاب السلطة قرارها في استبعاد اي ملمح تغييري في عملية تشكيل الحكومة. كل المسارات التي فتحها الفرنسيون واقترحها الشارع اللبناني المنتفض في عملية تشكيل حكومة تختلف عن سابقاتها لجهة المحاصصة، باءت بالفشل وبدا أنّ هناك عملية تضافر أدوار بين اركان السلطة من اجل تقويض اي مشروع لحكومة من خارج الاصطفاف السياسي توحي بالثقة للبنانيين والمجتمع الدولي الذي لا مفر من دوره في اي عملية لجم للانهيار العام، ولانتشال لبنان من بحر الأزمات الذي يغرق فيه.

 

جاءت العقوبات الاميركية ولا سيما تلك التي طالت رئيس “التيار الوطني الحر”، لتنذر بمسار من التشدد الاميركي تجاه السلطة بكل اطرافها، وكان كلام السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا هو الأشد تجاه هذه السلطة في تظهير دور واشنطن تجاه لبنان، فأطلقت سلسلة مواقف جديدة ومتشددة قبل يومين، أبرزها أنه “لن يكون هناك أي شيء مجانياً بعد اليوم وأن الإدارة الأميركية لم تتصرّف بعد مثل دول الخليج، بالابتعاد عن لبنان وعدم دعمه”، وتوجتها بالتذكير أن الولايات المتحدة “لم تدعم حكومة حسان دياب لأن حزب الله هو الذي شكّلها، لكنها وقفت إلى جانب الشعب اللبناني”.

 

الموقف الاميركي حاسم تجاه رفض اي حكومة فيها ممثل عن “حزب الله”، ويبدو ان سياسة التهاون على هذا الصعيد لم تعد واردة، بحيث ان الادارة الاميركية التي تمسك بورقة لبنان مالياً واقتصادياً، لم تعد في وارد القبول بقواعد اللعبة الداخلية على مستوى تركيب الحكومة وتقاسم السلطة.

 

فورقة المفاوضات التي فرضتها واشنطن بين لبنان واسرائيل، بات لبنان اليوم الأكثر حرصاً على استمرارها وعدم حرقها، وتعتقد اوساط متابعة لملف التفاوض ان “واشنطن مهتمة بنصب طاولة التفاوض، وبعد بدء المفاوضات بات لبنان معنياً بانهائها اكثر من اي طرف آخر”.

 

وهذا ما أكده مصدر اميركي في وزارة الخارجية، حيث اعتبر ان “الأولوية في الجهود الاميركية بين لبنان واسرائيل كانت الجلوس الى طاولة المفاوضات، والتسليم من الطرفين بأن الحلول تتم بوسائل سياسية وسلمية وليس عبر الوسائل العسكرية”.

 

البعد الاقتصادي والمالي الى جانب الفشل المتراكم للسلطة في مواجهة ازمات لبنان، هما ما يدفع واشنطن للدخول بقوة الى مسرح عمليات تشكيل الحكومة، ولكن بتعليمات واضحة ومن دون الدخول في التفاصيل، فالاولوية في اي حكومة هي منع “حزب الله” من المشاركة فيها، والمسألة التي تكتسب اهمية في حسابات واشنطن اللبنانية، هي تولي شخصيات نزيهة ومستقلة عن الاحزاب مسؤوليات حكومية محورية، وهذا ما يمكن ادراجه ضمن مسار تهميش دور اطراف السلطة في اي حكومة تطمح لأن تتلقى دعماً من واشنطن وحلفائها، وسوى ذلك، فان المسار الانحداري للأوضاع اللبنانية سيستمر وبوتيرة كارثية.

 

ورداً على ما يقال في اوساط “حزب الله” وحلفائه من ان واشنطن لن تسمح بانهيار كارثي للبنان لأسباب ذاتية واسرائيلية، فان المصادر المتابعة في واشنطن، تعتقد “ان هذه الحسابات خاطئة جداً”، معتبرة ان “القدرة لدى حزب الله وحلفائه للذهاب نحو المزيد من الفوضى او تهديد امن اسرائيل لم تعد واردة او ممكنة، وان السلطة في لبنان باتت على شفا انهيار واقصى ما تستطيعه هو تأخير الموعد قليلاً ليس اكثر”.