«حزب الله بارع في تغيير صورته ووزارات الخارجية الغربية تصدّق ذلك لا الإستخبارات»
أطلق الإنتقال المرجح للسلطة في واشنطن دينامية سياسية في الدوائر الديبلوماسية الغربية المعنية بالإقليم، تقوم على أهمية وضع مقاربة محتملة لما قد تكون عليه سياسة الإدارة الديمقراطية في الشرق الأوسط.
نقطة الإرتكاز في الدينامية هذه هي الملف الإيراني، ربطا بما تسقطت تلك الدوائر من عناوين مرجحة للسياسة الخارجية للرئيس المنتخب جوزف بادين تجاه هذا الملف المتشعّب، الذي يشمل فيما يشمل النووي والسلاح الباليستي والأذرع او الوكلاء proxies.
تبرز في هذا السياق دراسة قدمها مجلس العلاقات الخارجية، يعبّر فيها بايدن عن رؤيته تجاه إيران، ويذكر فيها أنها «لاعب مزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط. يجب ألا يُسمح لها أبداً بتطوير سلاح نووي». وبعد إنتقاده سياسة الرئيس دونالد ترامب، التي أدت إلى «عزل الولايات المتحدة، وليس إيران»، نتيجة «الأزمة العميقة في العلاقات عبر الأطلسي ودفعت الصين وروسيا إلى الاقتراب من إيران»، إعتبر أن «ما تفعله إيران خطير، لكنه لا يزال قابلاً للعكس. إذا عادت إلى الامتثال لإلتزاماتها النووية، سأعاود الدخول في خطة العمل الشاملة المشتركة (…) كما أنني سأستفيد من الإجماع الدولي المتجدد حول سياسة أميركا تجاه إيران – والالتزام المضاعف بالديبلوماسية – للرد بشكل أكثر فاعلية ضد سلوك طهران الخبيث في المنطقة».
الأنظار تتجه إلى طبيعةالمقاربة الأميركية في عهد بايدن للحزب وتأثيراته
لم يتعمّق بايدن في مقاصده مما سماه السلوك الخبيث، لكنه من الواضح أنه يقصد تمدد نفوذها في الإقليم عبر أذرعها، وفي مقدمها حزب الله.
يتقاطع هذا الموقف الرئاسي الاميركي مع إجماع اوروبي على ضرورة أن تتضمن أي مقاربة للملف الإيراني مسألة نفوذ طهران في المنطقة، مع تأكيدها أن حزب الله هو نقطة الإرتكاز الرئيسة في هذا النفوذ.
يعتبر تقرير بحثي أن الحزب «جماعة عابرة للحدود الوطنية ذات هويات متعددة تتعمد الخلط والتداخل، ما يسمح، على سبيل المثال، لهويته السياسية بإخفاء أنشطته العنيفة»، وهو «تحوَّل من كونه مشكلةً لإسرائيل، الى مشكلة لعددٍ متزايد من الدول التي أضافته الى إلى قوائم الإرهابية، بإعتباره مخلباً إيرانياً يخنق لبنان، مما حال دون إجراء الإصلاحات الضرورية، في موازاة هيمنته على الدولة اللبنانية وبناء ترسانته الصاروخية الضخمة، وكل ذلك يحول دون إحلال الأمن».
ويلاحظ التقرير «حرص حزب الله على تغيير صورته مع مرور الوقت للحفاظ على شرعيته، لا سيّما في لبنان. وسبق للحزب أن اصدر في العام 2009 وثيقة سياسية أعاد فيها تعريف وظيفته، معلناً التخلي عن السعي الى إقامة دولة إسلامية كهدفٍ أساسي. لكنه حافظ على صورته بأنه الخيار الوحيد القابل للتطبيق لحماية الشيعة في لبنان، بل وفي الواقع لبنان بأسره. كما انه في محاكاته الغرب، بدأ استخدام لغة الحرب على الإرهاب للدفاع عن سياساته في سوريا وأماكن أخرى».
ويحض التقرير الحكومات على «التعامل مع حزب الله على أنه منظمةٌ إرهابية، ولا ينبغي السماح لأيٍّ من الأبعاد السياسية أو الاجتماعية للحزب بأن تحجبَ ذلك»، مع إعترافه بأنه «بارع جدا في تغيير صورته باعتباره يجلب الخير للبنان وطرف فاعل ضروري يجب إشراكه، وتميل وزارات الخارجية الغربية إلى تصديق هذه الفكرة، لكن الاستخبارات الغربية تعرف بشكل أفضل، وينبغي أن يبقى التركيز على أعمال حزب الله الإجرامية الفردية».
ويشير التقرير الى أن «قدرة حزب الله على العمل كرأس حربة للحرس الثوري الإيراني في المنطقة تعود إلى أن أساليبه العملياتية في التدريب والتوجيه. ومع أنه لا يعتمد على الكثافة في التجنيد والموارد، فإنه يملك تأثيرات مضاعفة للقوة. وهذا يجعل من الصعب احتواء حزب الله، ولكن يُؤمل أن تتيح الاتفاقات العربية – الإسرائيلية الجديدة تعاونًا أفضل لمواجهة التهديدات الناشئة من حزب الله/الحرس الثوري».
ويخلص التقرير الى أهمية أن «تتخلى الحكومات الغربية عن الادّعاء بوجود جناح عسكري وآخر سياسي. فهو تنظيم واحد، وهو أول من أشار إلى ذلك بنفسه».