ثلاث إطلالات للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في فترة انسداد الأفق الحكومي. مقابلة تلفزيونية مطولة وخطاب، نطق فيهما باسم ايران، وخطاب ثالث، من المفترض أنه عن لبنان، كان الجزء الأكبر منه أشبه بدعاية لـ”القرض الحسن”، وبين الثاني والثالث تماثيل استفزازية لقاسم سليماني، لا ترشح دولاراً ولا تحمي اللبنانيين من وباء “كورونا”، لتكون رسالة “حزب الله” واحدة: “لبنان لا يعنيني”، وتبقى الأجندة الإيرانية أولوية بالنسبة إلى حزب يعتاش من طهران مالاً وسلاحاً.
ولطالما ترددت على مسامع السياديين، مقولة: “إضعاف الدولة يقابله إستقواء الدويلة”. وتاريخ الحروب على لبنان، خصوصاً الأهلية منها تثبت معادلة واحدة، أن المستفيدين الأوَل من حالات الفوضى في الدول هم غير الشرعيين والميليشيات. وهي حالة يعيشها لبنان اليوم من دون حكومة. وكما يلتقيان على التعطيل، يلتقي قياديون من “الوطني الحر” وآخرون من بيئة “حزب الله” على رمي التهمة على الرئيس سعد الحريري بأنه ينتظر بدء ولاية بايدن. لكن السؤال الحقيقي: من الذي فُرضت عليه عقوبات أميركية ويراهن على بايدن لرفعها؟ ومن عينه على البيت الأبيض ومسار التفاوض الايراني – الأميركي المقبل، ليطبق الأجندات؟ ومن يخشى من إقدام ترامب على خطوة عسكرية؟
ومن يحصي أعداد قتلاه في الضربات الاسرائيلية في سوريا؟ المطالعة الجوابية الحريرية ترد على الاتهام بأسئلة: لماذا لم ينتظر الحريري الانتخابات الأميركية ليصبح بعدها “مرشحاً بلا جميلة حدا”؟ ولماذا حرص على عقد 14 اجتماعاً كان يأمل بعد كل اجتماع منها أن تبصر التشكيلة الحكومية النور؟ وطالما انه يراهن على ولاية بايدن، فلماذا قدّم تشكيلته الحكومية قبل ذلك؟ وكما تقول مصادر قيادية في “المستقبل”: “حزب الله يحاول التلاعب على الوقت، فيما هو لا يملك ترف الرهان على المتغيرات الخارجية، ليتسلل من خلالها لفرض معادلات داخلية”. وتضيف: “حزب الله يعلم ان الرئيس الحريري لا يعيش هاجس العقوبات الاميركية كما يحاولون الترويج، ولا يراهن على ادارة اميركية جديدة او ينتظر أية متغيرات تعيد رسم الخريطة السياسية المحلية، بل هو يراهن على لحظة تعيد الوعي للرؤوس الحامية في قصر بعبدا، وتخرج الحكومة من دائرة الاعتقال القسري”.
الخلاصة الأهم في كلام المصادر، أن “أي رهان على الوقت لفرض حكومة تعيد “حزب الله” وسائر القوى الحزبية الى الحاضنة الحكومية، يقع في خانة الاوهام التي لن تبصر النور مهما حاولوا الى ذلك سبيلاً. فمن يراهن على اعتذاره يراهن على حلم ابليس في الجنة، خصوصاً بعد المواقف التي صدرت عن الرئيس عون والكلام الذي يتردد عن اجراءات دستورية لتطويق الحريري واخراجه”. لقد سبق للرئيس الحريري أن رفض العودة إلى رئاسة الحكومة بـ”اعتذار مسبق”، لكن بالنسبة إلى المصادر “الاعتذار هذه المرة سيشمل طعنة رعناء لاتفاق الطائف ولقواعد المشاركة الحقيقية في السلطة، وسيجد كل الذين يتطلعون للحظة الاعتذار ان الرئيس الحريري الذي تعرفوا اليه هو حتماً غير الحريري الذي يشتغلون على عزله وتطويقه”.
السؤال الأهم: من يرى أن الحريري ينتظر بايدن لتشكيل حكومته، فلماذا لا يدفع إلى توقيع رئيس الجمهورية على التشكيلة واحراج الحريري؟… ببساطة لعبة “الحزب” لن تمر…