IMLebanon

قرار تشكيل الحكومة في طهران  

 

 

يوماً بعد يوم، يتبيّـن لنا، أنّ سلاح «الحزب العظيم» هو الذي يحكم لبنان، ويتحكّم بأموره وسياساته، وأنّ ما يُقال عن وجود رئيس للجمهورية، يقبل ويرفض، وأنّ قراره نابع منه شخصياً، فأمر غير صحيح، وإن كان الرئيس يعتقد أنّ عناده، وأسلوبه في التعطيل قد يوصله الى ما يشاء كما أوصلاه الى الحكم.

 

العناد عامان ونصف، تحت شعار «عون أو لا رئيس ولا إنتخابات رئاسيّة»، عطّلت الدولة وشؤون اللبنانيين… فالدولة ظلت بلا رئيس مدة طويلة… واستمر العناد، حتى ان أحد «الخبثاء»، أشار الى أنّ «الحزب العظيم» طرح اسم عون للرئاسة، لأنه كان يعتقد أنّ من المستحيل وصوله الى سدّة الرئاسة، لأنه مرفوض من الجميع، وعلى الأصعدة كافة.

 

وشاءت الظروف، أن تلعب لعبتها «لعبة الحظ»، إذ تبنّت «القوات اللبنانية»، ورئيسها الدكتور سمير جعجع ترشيح عون للرئاسة، «خوفاً» من الفراغ القاتل في سدّة الرئاسة… فكان «اتفاق معراب»، الذي تنازل جعجع عن ترشحه للرئاسة، وتأييد عون، مقابل الحصول على نصف عدد النواب المسيحيين في مجلس النواب، ونصف عدد الوزراء المسيحيين في الحكومة.

 

لكن سارت سفينة الاتفاق، عكس ما اشتهته رياح عون و»التيار الوطني الحر»، فَنُقِضَ الاتفاق المبرم، وعاد كل فريق يغني على «ليلاه».

 

أما الرئيس سعد الدين الحريري، فقد أيّد ترشيح عون للرئاسة بعد، ترشيح جعجع للأخير، وسبب تأييد الحريري لعون نابع من إيمانه بأنّ هذا الموقع، موقع مسيحي، وبعد اتفاق المسيحيين، لا يجوز له أن يرفض، حفاظاً على الميثاقية اللبنانية.

 

وهكذا… وبضربة حظ، وصل ميشال عون الى رئاسة الجمهورية… وهنا بدأت رحلة العذاب، والعودة الى العرقلة والتعقيد والشروط التعجيزية غير المقبولة وغير المنطقية.

 

مسؤول كبير، روى «ان موضوع الكهرباء، ظلّ 15 يوماً يُبْحَث في مجلس الوزراء من دون نتيجة»… ويتابع المسؤول: «كنا نبدأ بالموضوع، وبعد كل جلسة نعود الى نقطة الصفر… لأنّ «السوبر وزير» جبران باسيل، يضع شروطاً غير منطقية، وغير مُجْدية وفاشلة، لكن «معاليه» يتمسّك بها رغم انها غير قابلة للتنفيذ، لكنه يصر عليها معتبراً أنه «يعرف أكثر من غيره».

 

بالتأكيد، فإنّ حكومة كهذه، لا يمكن أن تنجح لأنّ مجرّد وجود وزير كباسيل فيها، يُنْذر بفشلها الحتمي. لقد كان باسيل يوحي للآخرين بالقول: «أنا أو لا أحد… ويللي ما بيعجبو فسوف يحاسبه عمي».

 

وأعود هنا بالذاكرة، الى الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الدين الحريري الى باريس، وانعقاد مؤتمر «سيدر» في 6 نيسان عام 2018، في العاصمة الفرنسية باريس، حيث وافق على خطة إستنهاضية للبنان بعد مؤتمرات دولية متعدّدة أبرزها «باريس واحد، وإثنين وثلاثة»، وشاركت في المؤتمر أكثر من 50 دولة ومنظمة دولية، ووصلت المبالغ التي وافقت الدول المانحة على تقديمها للبنان نحو أحد عشر مليار دولار.

 

تصوّروا أنّ الرئيس الحريري أمّن أحد عشر مليار دولار منذ ثلاث سنوات، أي قبل ثورة 17 تشرين الاول عام 2019، وقبل جلجلة وزلزال «كورونا» لكن عرقلة جبران باسيل وتدخلاته غير المبرّرة عطلت كل شيء… فضاع الوقت ودخل لبنان في المجهول.

 

وهكذا إنهار القطاع المصرفي، الذي يعتبر أهم مصدر دخل للبنان، ورفضت حكومة دياب الفاشلة التي تشبه مُشكّليها ان تدفع ملياراً و200 مليون يورو لتقضي بذلك على سمعة القطاع المصرفي الخارجية وتعطي مثلاً أنّ القطاع المصرفي في لبنان فاشل وهكذا حصل ما حصل.

 

ودارت الأيام، ليكلف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة بالرغم من ان «الحزب العظيم» لم يؤيّد ترشيحه في الاستشارات. وجاء دور الرئيس ميشال عون في التعطيل، فبعد موافقته أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار لبنان مرتين على تسهيل مسألة التأليف، على ان تكون الحكومة حكومة إختصاصيين من خارج القوى السياسية.

 

تراجع عون، وبدأت الشروط والعنتريات والتمسّك بما يسمّى الدستور، وحقوق المسيحيين.

 

ملاحظة أوردها هنا هي ان الوحيد الذي لا يحق له أن يتحدث عن حقوق المسيحيين هو عون الذي هجّر مليون مسيحي، على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى في عام 1990 حرب «الإلغاء والتحرير».

 

والمرحلة الثانية حرب 2006 مع إسرائيل، حيث هاجر أكثر من 300 ألف مسيحي، أما المرحلة الثالثة فهي بعد ثورة 17 تشرين الاول 2019 بسبب فشل الدولة.

 

اليوم إيران مأزومة وأنها هي تُـمْسِك بالورقة اللبنانية وتراهن عليها… لذا فإنّ تشكيل الحكومة مرتبط بطهران… فلو أرادت التسهيل، ووافقت على قيام حكومة، لأوعزت الى «الحزب العظيم»، وأمرته بالموافقة… عندها فقط تتشكّل حكومة مهمة إنقاذية في لبنان.