IMLebanon

نصائح اوروبية لقوى لبنانية: لا تتورطوا «بحشر» حزب الله

 

خارطة طريق اميركية – «اسرائيلية».. واتفاق على الشق الامني

 

لم تعد معركة «التجويع» ضد الشعب اللبناني مجرد نظرية مؤامرة لتمييع او تغطية منظومة الفساد المتجذرة في البلاد، لان مسؤولية التركيبة الحاكمة منذ سنوات عن الانهيار واذلال اللبنانيين، لا تلغي وجود معركة موازية تخاض على مستويات اقليمية ودولية تستخدم رفع مستوى الضغوط تدريجيا على لبنان لاستغلال واقع الانهيار القائم لتغيير المعادلات الداخلية عبر تهميش وعزل عناصر القوة الاستراتيجية التي يمثلها حزب الله. ومن الواضح ان كل ما يجري يصب في خدمة التحالفات الجديدة الناشئة في المنطقة بين «اسرائيل» وبعض الدول العربية التي تحاول «ملء الفراغ» الاميركي والامساك بمقدرات المنطقة الاقتصادية والامنية… وقد حذرت مصادر اوروبية شخصيات لبنانية من الذهاب بعيدا في التورط برفع منسوب الضغط بهذا الاتجاه لان الامر لن يمر مرور الكرام لدى الطرف الآخر الذي بات يشعر ان تساهله في الكثير من الملفات يراكم الازمات المفتعلة وسط رغبة واضحة من قبل المتضررين من عودة الاتفاق النووي الايراني الى مساره الصحيح بافتعال «المشاكل». وباتت الخشية من «دعسة» ناقصة في بيروت في ظل انعدام فرص «التأثير الاسرائيلي- الخليجي» في ادارة بايدن للتراجع عن العودة الى مسار فيينا، وهذا يترجم اتفاقات جانبية لاعطاء اسرائيل هامشا للمناورة يسمح لها بالاعتداء على حلفاء طهران في ضوء الاعتراضات الاميركية على استمرار نهج التصعيد مع طهران.

 

طبعا هذا النهج لا يستهدف لبنان فقط، وانما دول المنطقة المعترضة على التحالف «الاسرائيلي- العربي» الجديد، وربما ما حصل يوم الاثنين مع الاردن خير دليل على ذلك، فعندما لم تجد السعودية حبوبا مخدرة في الشاحنات الاردنية المحملة بالمواد الغذائية والخضر والفواكه والمواشي، قررت اللجوء الى «البيئة» لمعاقبة عمان على عدم التجاوب معها في اطلاق مستشار ولي العهد محمد بن سلمان باسم عوض الله، المتهم بالتآمر ضد المملكة الهاشمية. «فركة الاذن» التي تشبه ما حصل مع الفواكه اللبنانية، ترجمت بمنع أكثر من 400 شاحنة أردنية مبردة الدخول إلى أراضيها، لأسباب مثيرة «للسخرية» ترتبط بسنة تصنيع تلك الشاحنات. فقد ابلغ الجانب الاردني ان الرياض قررت «فجأة» ودون سابق انذار منع اي «مركبة آلية» يقل تصنيعها عن العام 2000 من دخول السعودية أو المرور منها إلى باقي دول الخليج، ولم توضح السلطات السعودية سبب قرار منع مرور الشاحنات، لكن الاعلام السعودي اشار الى انه مرتبط بالحفاظ على البيئة من التلوث!

 

طبعا ما جرى «حجة اقبح من ذنب» تقول مصادر سياسية بارزة، فما جرى مع الاردن ولبنان يعكس حجم الازمة العميقة لدى «التحالف الجديد»، فهو يسعى الى اثارة الفوضى لجذب انتباه الادارة الاميركية الى مصالحه المهددة بفعل الاندفاعة نحو ايران، ولهذا يفتعل الازمات الداخلية في دول المنطقة، ويوتر الاجواء امنيا وعسكريا، في لحظة حساسة جدا حيث تسير مفاوضات فيينا على وقع حوار «اسرائيلي – اميركي» استراتيجي لتنظيم الخلافات وتقييم المصالح المشتركة في ظل «تذبذب» العلاقات مع الادارة الجديدة، فيما تعمل السعودية على خط فتح قنوات التفاوض مع طهران، وتستخدم «اوراقها» لتحسين شروط التفاوض.

 

وفي هذا السياق، يعترف طاقم «معهد السياسة والاستراتيجية الاسرائيلي» برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد، في ورقة بحثية تم نشرها في الساعات القليلة الماضية «بان اسرائيل تواجه سلسلة تحديات استراتيجية في الوقت الذي تغرق فيه قياداتها في أزمة سياسية، وبرز في هذا السياق انفجار العنف في القدس وغزة، وبالتوازي، يكبر ظل التحدي الإيراني، ففي الوقت الذي يلوح في فيينا تقدم في المفاوضات على العودة إلى الاتفاق النووي الإشكالي، تتخذ إسرائيل في واشنطن صورة من تقف ضد سياسة إدارة بايدن وتسعى لإفشالها، ومن شأن إسرائيل أن تدفع ثمناً باهظاً إذا ما قررت التخريب على عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي بما يمثله من هدف استراتيجي أميركي، ومسألة أمن قومي من الدرجة الأولى…»

 

وامام هذا التحدي الاستراتيجي، سرب «الاعلام الاسرائيلي» معلومات تفيد بنجاح «الوفد الأمني الإسرائيلي» الموجود في واشنطن بالتوصل الى تفاهمات مع المسؤولين الأميركيين، بعيدا عن الازمة النووية، فقد حصل اتفاق ثنائي على إقامة طاقم «أميركي – إسرائيلي» مشترك لمواجهة الطائرات المسيّرة الإيرانية والصواريخ البالستية، والحؤول دون وصول الأخيرة إلى حلفاء طهران في المنطقة، وأوّلهم حزب الله. يضاف الى ذلك  تقديم المسؤولين «الإسرائيليين» معلومات أمنية واستخباراتية عن البرنامج النووي الإيراني ونشاط طهران في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز التعاون مع الأميركيين في المواجهة!

 

ازاء ما تقدم، تبدو المرحلة الراهنة شديدة الخطورة لانها تحمل في طياتها تحولات دراماتيكية، هناك دول مأزومة تحاول تحسين شروط تفاوضها وتسعى لحجز مكان لها ضمن الاستراتيجة الجديدة في المنطقة، «الاسرائيليون» في طريقهم للاخفاق في الملف النووي الايراني، لكن في المقابل حصلوا على «ضوء اخضر» اميركي لمواجهة «اذرع» ايران، وتسمية حزب الله في تفاهمات واشنطن يحمل دلالات خطرة، خصوصا ان القرار في البيت الابيض لا يزال عند ابقاء ملف الأزمة اللبنانية، «معلقا»، وبعد ان بدا واضحا بعد الزيارة الاخيرة لوكيل وزارة الخارجية، ديفيد هيل، ان اي معالجة للانهيار في البلاد  ينتظر الاتفاق مع إيران، يحاول «الاسرائيليون» ربطه ايضا بحل ازمة الصواريخ الدقيقة، وترسيم الحدود البحرية، وهذين الملفين على «طاولة» التفاوض «الاميركي- الاسرائيلي» في واشنطن الان.

 

وفي هذا السياق، جاءت النصيحة الاوروبية، لبعض الاطراف والقوى اللبنانية، بعدم الانسياق وراء الضغوط السعودية لان تزامنها مع «الضغوط الاسرائيلية» قد يقود البلاد الى اماكن صعبة جدا، في ظل المحاولات المستمرة لوضع حزب الله في «الزاوية»، وهو امر لن يبقى دون رد، اذا ما وصلت الضغوط الى ذروتها، ولهذا يخشى الاوروبيون من اندفاعة بعض الداخل لملاقاة وعود خارجية صعبة التحقق في بلد مثل لبنان، فيكونون اول من يدفع ثمن «مغامرات» خارجية غير محسوبة؟!