هل يقود مسعى جديداً لضبط الوضع وانهاء الاشتباك قبل الوقوع في المحظور؟
ينقل عن سياسيين يلتقون دوريا مع قيادات، ان حزب الله مرتاح للمشهد الإقليمي ومسار الأحداث والتطورات التي تصب لمصلحة محور المقاومة، اما داخليا فمُحرج نتيجة الخلافات بين حلفائه، الذي دخل مسارا أكثر خطورة وغير مسبوق بالاشتباك الأخير بين بعبدا و»عين التينة» والذي أربك حارة حريك، وأضاف اشكالية جديدة على مشاكل التأليف.
وتؤكد مصادر سياسية بارزة ان حزب الله واقع منذ فترة تحت تأثير العلاقة المتفجّرة بين ثلاثة محاور، فعلاقة بعبدا و»عين التينة» دخلت دائرة المحظور سياسيا، ناهيك عن التصعيد الذي تخطى السقوف المسموح بها لأي خلاف بين «المستقبل» من جهة والرئاسة الأولى و»التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، فلا هو متحمس للاستغناء عن تكليف الحريري وترك الأمور تتجه نحو الفوضى، ويعتبر الوضع أصبح مستعصيا على التوافق بين «المستقبل» و»التيار».
يُبدي حزب الله كما تقول المصادر، حرصا استثنائيا على حلفائه جميعا، ولكل فريق موقعه الخاص في المعادلة ، فرئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل في مقدمة الحلفاء الاستراتيجيين منذ توقيع «تفاهم مار مخايل»، والرئيس نبيه بري شريك «الثنائية الشيعية» ومدخل أساسي للنظام، فيما ربط النزاع بين حزب الله و»بيت الوسط» مسألة محسومة لا يجوز «المس» بها منذ فترة طويلة.
من الثابت ايضا ان حزب الله لا يُجاري رغبة رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر في محاصرة تكليف الحريري لمنعه من دخول السراي ، فالثنائي الشيعي لطالما وقف على مسافة واحدة من الخلاف الدائر بين بعبدا و»بيت الوسط» مهما زادت العواصف السياسية او كبرت وصغرت حدة التجاذبات، حيث تحاشى حزب الله ان يكون طرفا في المعركة، مغلّبا خيار البقاء خارج الصخب والمواجهات الدائرة في مطحنة التأليف بين «ميرنا الشالوحي» و «بيت الوسط» متمسكا بمبادرة بري.
من دون شك، فان خطاب باسيل نقل الملف الحكومي الى مكان مختلف، فهو وضع حزب الله امام ضرورة ان يحسم أمره وينهي معادلة «اما معي او ضدي» التي طرحها رئيس التيار في سطور بيانه، لكن المصادر السياسية تؤكد ان رد حزب الله لن يأتي سريعا لأنه ليس في وارد ان يتخلى عن أحد الحليفين او يغلب موقف طرف على الثاني، وتعتبر المصادر ان الحزب مربك بين ضغط بري من جهة، وعناد النائب جبران باسيل في التأليف، كما هو منزعج من العداوة المستحكمة بين الحريري وباسيل، حيث يطالب الأخير بالحقوق المسيحية ويخوض الحريري معركة صلاحيات الرئاسة الثالثة.
وفي الوقت نفسه، يحرص حزب الله على عدم كسر الرئاسة الأولى، او الدخول في تحدي ضد الحريري، حرصا على التوازنات المعروفة في السلطة، كما انه يفضل الحفاظ على «ستاتيكو» ربط النزاع قائما مع «بيت الوسط» على الرغم من التباعد السياسي والاستراتيجي والخصومة التقليدية بينهما.
وتضيف المصادر ان حزب الله رافض ولا يجاري رغبة حليفه العوني الجامحة بالاطاحة بالحريري، وان يكون شريكا في عزله من منطلق حسابات سياسية معينة، وخوفا من الانفجار الاجتماعي الذي تظهر بشائره، ومخاوف من مشروع فتنة سنية – شيعية، كما يعتبر ان الحريري يحظى بغطاء سني واسع، وهو الشخصية السنية المثالية لرئاسة الحكومة في هذه الظروف، كما لا يريد ان تتكرر تجربة الخصومة الماضية مع الحريرية السياسية والزعامات السنية، وحتى لا توجّه الى حزب الله تهمة اخراج الحريري، الذي يبدو محاطا للمرة الأولى بتأييد سني واسع ليس له مثيل في المراحل السابقة من قبل رؤساء الحكومة السابقين والمجلس الشرعي الاسلامي والطائفة كلها برموزها، بمن فيهم النواب السنة من فريق ٨ آذار الذين ترددوا مؤخرا الى «بيت الوسط».
التصعيد بين بعبدا و»عين التينة» أربك حزب الله الذي يبحث عن مخرج للأزمة من اجل ترتيب الوضع بين الحلفاء، وسيكون له موقف او مبادرة خاصة تحسم الجدل الحكومي، بعد ان خرج الخلاف عن المألوف في العلاقة.