IMLebanon

إحراج “التيار” للحزب وراء انفعاله

 

 

 

بماذا يمكن للسيد حسن نصر الله أن يخدم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أكثر مما قدم له من خدمات في خطابه يوم الجمعة، الذي برّأه فيه من أن يكون ائتمنه على حقوق المسيحيين له، ونفى أن يكون سلم أمره له، وسخّف حجة رفض باسيل المثالثة والثلاث ثمانيات. فنصرالله هاجم بانفعال، أحزاباً تخاصم باسيل من دون أن يسميها لكنه قصد بوضوح “القوات اللبنانية” و”الكتائب” والوطنيين الأحرار والشخصيات المسيحية التي عابت على باسيل تسليمه “الموضوع” لـ “حزب الله”، واصفاً إياهم بأنهم “لا يقرأون ولا يسمعون ولا يفهمون ولا يعقلون وإذا عقلوا ينكرون… والأحقاد تعمي العقول والقلوب”.

 

ومع أن بعض الأوساط وجد في هذا الدفاع من قبل نصرالله وهجومه على تلك الأحزاب والشخصيات ما لم يكن لمصلحة باسيل وسط الرأي العام المسيحي، بل سيكون له مفعول عكسي، يرتد على قيادة “التيار الحر” فإن التوضيحات التي أدلى بها قاطعاً الطريق على لعب دور الحَكَم الذي طلبه منه، بينه وبين حليفه الآخر رئيس البرلمان نبيه بري أو بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، ورفضه مبدأ القبول بما يقبل به الحزب لنفسه، ما يضع حداً لمونة رئيس “التيار الحر” عليه.

 

يبدو أن “حزب الله” اكتشف ضرورة إفهام بعض حلفائه بحدود الفاتورة التي يفترض أن يدفعها لباسيل مقابل وقوفهم معه. فالحزب يقوم منذ مدة بمراجعة لأضرار الفواتير المدين بها لهؤلاء وللكلفة العالية التي يضطر لدفعها مقابل العداوات والمشاكل التي سببها له تعطيله البلد مقابل المجيء بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومن ثم ممارسات الفريق الرئاسي طوال ما يقارب الخمس سنوات الماضية، والتي يتحمل هو وزرها في الداخل والخارج، أكثر من غيره، كونه المتهم بحكم البلد عن طريق رئاسة الجمهورية والأكثرية النيابية وتجييره للمشروع الإيراني.

 

لم تبلغ هذه المراجعة استنتاجات تصل حد الافتراق مع “التيار”، طالما أن لا بديل في التحالفات مسيحياً، لكن بعضاً من قيادة الحزب يائس من محاولة تدوير الزوايا مع الفريق الرئاسي ولو لتقطيع الوقت في لبنان والمنطقة. فممارسات هذا الفريق على رغم وقوفه إلى جانبه في خياراته الإقليمية، أغرقته بالاتهامات في الداخل والخارج، لأن من موجبات هذه الخيارات أن يغض النظر عن فساد حلفائه إلى درجة اتهامه بالانغماس فيها لا سيما التهريب الذي هدر المليارات. ومن متطلبات الهيمنة على السياسة الخارجية التي تماهى معه فيها حليفه المتعِب، أن يتجاهل اللعب باتفاق الطائف وجوهر الصلاحيات الدستورية، وصولاً إلى المس بموقع رئاسة البرلمان، وليس فقط رئاسة الحكومة.

 

هذا الانفصام في سياسة الحزب وتحالفاته وضعه في موقع حرج على رغم مظهر القوة الذي قد تزينه له استعانة جهة مسيحية وازنة به، مقابل تعاون الجهة السنية مع حليفه بري، فيمسك الثنائي الشيعي بعملية تأليف الحكومة من الجانبين. ولهذا حديث آخر.