Site icon IMLebanon

التأليف «ينتعش» بعدما رفع حزب الله «البطاقة الحمراء» «والولادة» خلال ساعات…

 

 

وصف المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش لبنان بأنه «بلد العجائب وفيه يتعلم كل يوم ان لا شيء مجاني»، وان على «السياسيين أن يلوموا أنفسهم على «هذه الفوضى الخطرة»، لانهم يتفرجون على الوضع وهو ينهار»… هذه الكلمات المعبرة تختصر المشهد العام في بلاد أصاب فيها المسؤولين امم الارض جمعاء «باليأس» «والدهشة»، فكوبيتش بحسب أوساط دبلوماسية في بيروت، تعرض «للوم» شديد من قبل مرؤوسيه بعدما ارسل خلال الاسابيع الماضية تقارير متضاربة حيال مستقبل الوضع السياسي والاقتصادي ربطا بتشكيل الحكومة، حيث كتب قبل عشرة ايام جازما «بولادتها» خلال ساعات بعدما ابلغه المعنيين بذلك، ليعود ويتفاجأ بعقد «غير منطقية» مرتبطة بمصالح «ضيقة»، حالت دون «ابصارها النور»، فكتب بعد ذلك تقريرا «غير دبلوماسي» حمل عبارات «جارحة» بحق المسؤولين الذين لا يأبهون بمصير شعبهم، وما قاله علنا بالامس يعتبر «لهجة» مخففة «ومهذبة» تعكس ما ورد في خطابه الى الامين العام للامم المتحدة الذي طالبه بارسال «رسالة» واضحة الى المسؤولين اللبنانيين بأن المطلوب الان تشكيل سريع للحكومة والا سيجد المجتمع الدولي نفسه غير ملزم بتقديم أي دعم للبنان…

 

هذا «الاستياء» الدولي من انعدام المسؤولية عند المعنيين بتشكيل الحكومة، وجد ترجمته المحلية لدى حزب الله الذي شعرت قيادته «المشغولة» اصلا بتداعيات اغتيال الجنرال قاسم سليماني، ان ثمة انعدام للمسؤولية عند «الحلفاء» في مقاربة الملف الحكومي بعدما اشتعلت «الجبهات» على «محاور» بعبدا «ميرنا الشالوحي» «وعين التينة» و«بنعشي»، لاسباب كان يمكن «احتواءها»، وكذلك على محور «تلة الخياط» حيث وجد رئيس الحكومة المكلف حسان دياب تلك «الجبهات» ضده، بعدما ارتكب مجموعة من الاخطاء «التكتيكية» في عملية التفاوض، ما اعاد الامور الى «نقطة الصفر»…

 

ووفقا لاوساط مقربة من حزب الله، اضطر الحزب الى رفع «البطاقة الحمراء» بوجه الجميع بعدما شعر ان الامور «فرطت» على نحو غير متوقع، وبلغت الازمة حدود تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل عن الالتزام بالمضي قدما بتكليف دياب لتشكيل الحكومة، وبدء البحث عن مخارج دستورية لسحب «التكليف»، وهو امر لم يعارضه الرئيس نبيه بري الذي بلغت حدود «نقمته» على الرئيس المكلف حدودا غير مسبوقة، واعاد «تعويم» طرح تفعيل حكومة تصريف الاعمال… لكن هذه الخلاصات لم تجد صداها في «حارة حريك» لانها «وصفة للانهيار الشامل، لان «تنحية» دياب غير ممكنة دستوريا وقانونيا، وبديله اصلا غير متوفر، كما لا توجد اي مؤشرات جدية على ان الرئيس سعد الحريري مستعد «للتعاون»…

 

وامام هذه المعضلة كثف حزب الله من حركته «المكوكية» على جبهات ثلاث، فنجح «الوسطاء» المعتمدون في «المونة» على وزير الخارجية جبران باسيل لزيارة «عين التينة» وترطيب «الاجواء» مع الرئيس بري، وهذا ما اعاد «المياه» الى «مجاريها» مع بعبدا بعد الالتباس الاخير حول «شكل الحكومة»، وجرى «اقناع» الطرفين بالعودة مجددا الى خيار «التفاوض» مع دياب لان بديله غير متوفر ويمكن الوصول معه الى تفاهمات حول النقاط العالقة، وقد ترجمت هذه التفاهمات بتراجع باسيل عن اعلان الذهاب الى المعارضة، وقبول بري باستقبال الرئيس المكلف للتفاوض على ما تبقى من قضايا مختلف عليها مع تراجعه عن التمسك بحكومة «تكنوسياسية»..

 

في المقابل، كان المعاون السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين خليل يعمل على خط الاتصالات مع دياب، وناقش معه مطولا اسباب الازمة الراهنة، ونصحه «بتليين» مواقف حيال بعض النقاط «غير الجوهرية» التي يتمسك بها لتشكيل الحكومة، ومنها مثلا تمسكه بتوزير 6 نساء، ومحاولته فرض ذلك من حصة الاطراف التي ستمنحه الثقة، وكذلك اقنعه بضرورة التعامل بنوع من «البراغماتية» مع الاطراف السياسية التي ستصوت على الحكومة في مجلس النواب، وهذا يتطلب شيء من «الليونة» وتدوير «الزوايا»التي لا تفقد الحكومة جوهرها، وقد ابدى دياب «مرونة» يفترض ان تترجم اليوم.

 

} … الحكومة اليوم او غدا }

 

ومساء، حلت اخر العقد الحكومية بموافقة الوزير جبران باسيل على مشروع الحل الذي حمله شادي مسعد من الرئيس المكلف بتوزير دميانوس قطار في وزارة العمل ، مقابل ناصيف حتي في وزارة الخارجية.

 

ومن المتوقع أن تشكل الحكومة اليوم مساء او غدا الجمعة على ابعد تقدير اذا ما تم التفاهم بين بري ودياب على التفاصيل البسيطة المتبقية.

 

وبات من المؤكد أنّ التشكيلة ستكون من 18 وزيراً وليس 24 وحسان دياب اختار وزراء حكومته من اسماء رشحتها الاحزاب المشاركة في الحكومة.

 

} التشكيلة المفترضة }

 

وتضم التشكيلة اربع سيدات، واعطي الثنائي الشيعي 5 حقائب بعد دمج الزراعة مع الثقافة او الاعلام، وتم تثبيت رمزي مشرفية عن الحقيبة الدرزية وهو سيتولى وزارة الشؤون الاجتماعية والمهجرين وملف النازحين.

 

والوزراء السياديون هم: غازي وزني لوزارة المالية، وناصيف حتي للخارجية، وطلال اللادقي للداخلية مبدئياً ويحسم بعد التشاور مع بري، وميشال منسى للدفاع مع توليه نيابية رئاسة الحكومة وزارة الطاقة ستمنح مبدئيا لريمون غجر، وماري كلود نجم لوزارة العدل، ومنال مسلم وزيرة للبيئة، أما تيار المردة فحصل على حقيبة الأشغال التي ستتولاها لميا يمين الدويهي…

 

والطاشناق سيحصل على السياحة والثقافة او السياحة… ووفقا لتوزع الحقائب حسب الطوائف، سينال السنة اضافة الى رئيس الحكومة حسان دياب طلال اللادقي للداخلية، طلال حواط للاتصالات، طارق مجذوب لوزارة التربية والشباب والرياضة… الموارنة، ناصيف حتي، ماري نجم، ديميانوس قطار، لميا الدويهي.

 

وسينال الشيعة اضافة الى غازي وزني في المالية، وزارات الصحة، والصناعة، الزراعة الثقافة او الاعلام.

 

وعن الاورثوذكس ميشال منسى وريمون غجر.

 

ومنال مسلم عن الكاثوليك.

 

} احداث الحمرا المقلقة؟ }

 

ووفقا لتلك الاوساط فان ما جرى في شارع الحمرا، يعتبر عاملا ضاغطا يحفز الجميع على الذهاب سريعا الى تشكيل الحكومة، خصوصا ان تداعيات ما حصل على الارض كاد يدخل البلاد في مواجهة من «نوع آخر» بعدما وصل تبادل الاتهامات الى حدود غير مسبوقة بين الاجهزة الامنية التي تقاذفت المسؤوليات حيال خروج اعمال الشغب عن السيطرة وتجاوزها لكل «الخطوط الحمراء»…

 

وفي هذا السياق، لفتت اوساط معنية بهذا الملف الى ان «غمز» رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري من «قناة» الجيش في بيانه حول تلك الاحداث، مرده الى وجود «علامات استفهام» لديه، ولدى قيادة قوى الامن الداخلي حيال عدم تدخل قيادة الجيش وترك الامور على «عاتق» قوى الامن الداخلي، وهذا ما استدعى مع تقدم ساعات الليل الى تدخل «القوة الضاربة» التابعة لفرع المعلومات، بعدما خرجت الامور عن السيطرة.

 

وفيما تشير المعلومات الى ان الجيش لم يتدخل لاسباب تتعلق بمسؤولية قوى الامن الداخلي عن حماية محيط وزارة الداخلية القريبة من المنطقة، فإن اوساطاً اخرى تشير الى ان القيادة العسكرية لم ترغب امس الاول بالتدخل «بفعالية» في كافة المناطق، وليس في الحمرا فقط، تعبيرا عن حالة «الاستياء» في اليرزة من الطبقة السياسية «الغائبة» عن تحمل مسؤولياتها، ويبدو ان قائد الجيش رغب في ان يكون تحرك «الشارع» عامل ضغط للتعجيل في تشكيل الحكومة…؟

 

لكن الاخطر، برأي تلك الاوساط، هو «قراءة» الرئيس سعد الحريري لهذه الاحداث، فهو اعتبرها «رسالة» ميدانية موجهة اليه، بعد ساعات على وصوله من باريس، ولهذا عمل ليلا على تحريك «شارعه»، مهددا بالدفاع عن بيروت في ظل اتهامات من قبل «المستقبل» «لجمهور» «الثنائي الشيعي» بافتعال «اشكال» الحمرا، وهو امر عملت الاجهزة الامنية على «تطويقه» بعدما تحركت دراجات نارية لانصار «التيار الازرق» في المناطق المحيطة، لكن سرعة حسم «القوى الضاربة» للموقف جنبت العاصمة مواجهة كانت كفيلة بتهديد السلم الاهلي، لكن الامور لا يبدو انها ستنتهي عند هذا الحد بعدما عاد «المستقبل» لتحريك «شارعه» في الساعات الماضية كمقدمة لتحرك اوسع في الايام المقبلة خصوصا اذا ولدت الحكومة العتيدة.

 

في هذا السياق، يبدو الجميع امام ساعات حاسمة بعدما بلغ التوتر السياسي والامني ذروته، حزب الله يامل من «شركائه» والرئيس المكلف تسهيل مهمة التأليف بعدما جرى التفاهم على معظم النقاط، فيما وصل «الانذار» الشديد اللهجة من المجتمع الدولي عبر يان كوفيتش الذي ابلغ المعنيين ان «صبر» الخارج قد نفد، ولا مزيد من ترف اضاعة الوقت…